والانتفاع بثمنه، وإن أرباب الوقف متى دعتهم ضرورة شديدة إلى ثمنه جاز لهم بيعه ولا يجوز لهم ذلك مع فقد الضرورة.
وخالف باقي الفقهاء في ذلك ولم يجيزوا اشتراط الواقف لنفسه ما أجزناه ولا بيع الوقف على حال من الأحوال إلا ما رواه بشر عن أبي يوسف في سنة تسع وسبعين أنه إن جعل الواقف الخيار لنفسه في بيع الوقف، وإن يجعل ذلك في وقف أفضل منه فهو جائز، وإن مات قبل أن يختار إبطاله مضى الوقف على سبيله (١).
وقال أبو يوسف بعد ذلك: لا يجوز الاستثناء في إبطال الوقف والوقف جائز نافذ (٢).
دليلنا اتفاق الطائفة، ولأن كون الشئ وقفا تابع لاختيار الواقف وما يشرطه فيه، فإذا شرط لنفسه ما ذكرناه كان كسائر ما يشرطه.
وليس لهم أن يقولوا: هذا شرط ينقض كونه وقفا وحبيسا (٣) وخارجا من ملكه وليس كذلك باقي الشروط لأنه لا تنافي بينها وبين كون ذلك وقفا مثله.
قلنا: ليس ذلك يناقض كونه وقفا، لأنه متى لم يختر الرجوع فهو ماض على سبيله، ومتى مات قبل العود نفذ أيضا نفوذا تاما، وهذا حكم ما كان مستفادا قبل عقد الوقف، فكيف يكون ذلك نقضا لحكمه وقد بينا أن الحكم باق؟
فإن قيل: لو جاز دخول هذا الشرط في الوقف لجاز دخول مثله في العتق.