وقال داود بن علي: كل من وهب شيئا لغيره لم يجز له الرجوع فيه، ولا فرق في ذلك بين البعيد والقريب (١).
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الإجماع المتردد أنا قد علمنا بإجماع من الأمة ولا اعتبار بداود، فإن الإجماع قد تقدمه وسبقه بأن عقد الهبة وإن قارنه القبض غير مانع من الرجوع وإنما اختلفوا في موضع جواز الرجوع، فذهب قوم إلى أن الرجوع إنما يجوز مع ذوي الأرحام دون الأجانب وذهب آخرون إلى أنه يجوز من الأجانب دون ذوي الأرحام، وذهبت الإمامية إلى أنه يجوز في المواضع كلها فقد بان بالاتفاق على أن قبض الهبة غير مانع من الرجوع على كل حال.
فمن ادعى أنه مانع من الرجوع في موضع دون آخر فعليه الدليل الشرعي باختصاص ذلك الموضع بهذا الحكم ولا دليل لمن خصص موضعا من المواضع دون آخر، لأن تعويلهم على أخبار آحاد وقياس يقتضي الظن وما لا معول على مثله في ثبوت الأحكام الشرعية فثبت بهذا الاعتبار جواز الرجوع في المواضع كلها وأن ليس بعضها بذلك أحق من بعض.
فإن قالوا: لو جاز الرجوع في الهبة لجاز في البيع وفي سائر العقود.
قلنا سائر العقود ما أجمعت عليه الأمة على جواز الرجوع فيها على الجملة، وإنما اختلفوا في التفصيل وعقد الهبة قد بينا الإجماع على سبيل الجملة على جواز الرجوع فيه وإنما اختلفوا في مواضعه.
فإن احتج المخالف بما يروونه عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله:
الراجع في هبته كالراجع في قيئه [والقي حرام] (٢) (٣) وبلفظ آخر الراجع في هبته