والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه بعد إجماع الطائفة عليه قوله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) (١) وهذا عام في أمهات الأولاد وغيرهن.
فإن قيل: قد أجمعنا على أن قوله تعالى (وأحل الله البيع) مشروط بالملك فإن بيع ما لا يملكه لا يجوز.
قلنا: الملك باق في أم الولد بلا خلاف، لأن وطئها مباح له ولا وجه لإباحته إلا ملك (٢) اليمين.
ويدل أيضا على ذلك أنه لا خلاف في جواز عتقها بعد الولد ولو لم يكن الملك باقيا لما جاز العتق، وكذلك يجوز مكاتبتها وأن يأخذ سيدها ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها، وهذا يدل على بقاء الملك. وكذلك أجمعوا على أن قاتلها لا تجب عليه الدية وإنما يجب عليه قيمتها.
فإن قالوا: إن بقاء الملك لا يدل على جواز البيع بل لا يمتنع أن يبقى الملك وهو ناقص كملك الشئ المرهون هو (٣) باق للراهن وإن لم يجز بيعه.
قلنا: إذا سلمتم بقاء الملك. فبقاؤه يقتضي استمرار أحكامه، وإذا ادعيتم فيه النقصان طولبتم بالدلالة ولن تجدوها، على أنا لو سلمنا نقصان الملك تبرعا لجاز أن نحمله على أنه لا يجوز بيعها مع بقاء ولدها، وهذا ضرب من النقصان في الملك.
ويدل أيضا على ذلك قوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) (٤)، وقد علمنا أن للمولى أن يطئ أم ولده وإنما يطئها بملك اليمين، لأنه لا عقد هاهنا، وإذا جاز أن يطئها بالملك جاز له أن