الخلق كثير مما يتعلق بأحكام الجن والله المستعان (قوله نحو تهامة) بكسر المثناة اسم لكل مكان غير عال من بلاد الحجاز سميت بذلك لشدة حرها اشتقاقا من التهم بفتحتين وهو شدة الحر وسكون الريح وقيل من تهم الشئ إذا تغير قيل لها ذلك لتغير هوائها قال البكري حدها من جهة الشرق ذات عروة من قبل الحجاز السرج بفتح المهملة وسكون الراء بعدها جيم قرية من عمل الفرع بينها وبين المدينة اثنان وسبعون ميلا (قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية أبي إسحاق فانطلقوا فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم (قوله وهو عامد) كذا هنا وتقدم في صفة الصلاة بلفظ عامدين ونصب على الحال من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه أو ذكر بلفظ الجمع تعظيما له وهو أظهر لمناسبة الرواية التي هنا (قوله بنخلة) بفتح النون وسكون المعجمة موضع بين مكة والطائف قال البكري على ليلة من مكة وهي التي ينسب إليها بطن نخل ووقع في رواية مسلم بنخل بلا هاء والصواب إثباتها (قوله يصلى بأصحابه صلاة الفجر) لم يختلف على ابن عباس في ذلك ووقع في رواية عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال قال الزبير أو ابن الزبير كان ذلك بنخلة والنبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العشاء وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة قال قال الزبير فذكره وزاد فقرأ كادوا يكونون عليه لبدا وكذا أخرجه ابن أبي حاتم وهذا منقطع والأول أصح (قوله تسمعوا له) أي قصدوا لسماع القرآن وأصغوا إليه (قوله فهنا لك) هو ظرف مكان والعامل فيه قالوا وفي رواية فقالوا والعامل فيه رجعوا (قوله رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا) قال الماوردي ظاهر هذا إنهم آمنوا عند سماع القرآن قال والايمان يقع بأحد أمرين إما بأن يعلم حقيقة الاعجاز وشروط المعجزة فيقع له العلم بصدق الرسول أو يكون عنده علم من الكتب الأولى فيها دلائل على أنه النبي المبشر به وكلا الامرين في الجن محتمل والله أعلم (قوله وأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن) زاد الترمذي قال ابن عباس وقول الجن لقومهم لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا قال لما رأوه يصلي وأصحابه يصلون بصلاته يسجدون بسجوده قال فتعجبوا من طواعية أصحابه له قالوا لقومهم ذلك (قوله وإنما أوحى إليه قول الجن) هذا كلام ابن عباس كأنه تقرر فيه ما ذهب إليه أولا أنه صلى الله عليه وسلم لم يجتمع بهم وإنما أوحى الله إليه بأنهم استمعوا ومثله قوله تعالى وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا الآية ولكن لا يلزم من عدم ذكر اجتماعه بهم حين استمعوا أن لا يكون اجتمع بهم بعد ذلك كما تقدم تقريره وفي الحديث إثبات وجود الشياطين والجن وأنهما لمسمى واحد وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والايمان فلا يقال لم آمن منهم إنه شيطان وفيه أن الصلاة في الجماعة شرعت قبل الهجرة وفيه مشروعيتها في السفر والجهر بالقراءة في صلاة الصبح وأن الاعتبار بما قضى الله للعبد من حسن الخاتمة لا بما يظهر منه من الشر ولو بلغ ما بلغ لان هؤلاء الذين بادروا إلى الايمان بمجرد استماع القرآن لو لم يكونوا عند إبليس في أعلى مقامات الشر ما اختارهم للترجمة إلى الجهة التي ظهر له أن الحدث الحادث من جهتها ومع ذلك فغلب عليهم ما قضى لهم من السعادة بحسن الخاتمة ونحو ذلك قصة سحرة فرعون وسيأتي مزيد لذلك في كتاب القدر إن شاء الله تعالى
(٥١٨)