المشقة التي يجدها عند النزول فكان يتعجل بأخذه لنزول المشقة سريعا وبين في رواية إسرائيل أن ذلك كان خشية أن ينساه حيث قال فقيل له لا تحرك به لسانك تخشي أن ينفلت وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي رجاء عن الحسن كان يحرك بلسانه يتذكره فقيل له إنا سنحفظه عليك وللطبري من طريق الشعبي كان إذا نزل عليه عجل يتكلم به من حبه إياه وظاهره أنه كان يتكلم بما يلقى إليه منه أولا فأولا من شدة حبه إياه فأمر أن يتأنى إلى أن ينقضي النزول ولا بعد في تعدد السبب ووقع في رواية أبي عوانة قال ابن عباس فأنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما وقال سعيد أنا أحركهما كما رأيت ابن عباس يحركهما فأطلق في خبر ابن عباس وقيد بالرؤية في خبر سعيد لان ابن عباس لم ير النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال لأن الظاهر أن ذلك كان في مبدأ المبعث النبوي ولم يكن ابن عباس ولد حينئذ ولكن لا مانع أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بعد فيراه ابن عباس حينئذ وقد ورد ذلك صريحا عند أبي داود الطيالسي في مسنده عن أبي عوانة بسنده بلفظ قال ابن عباس فأنا أحرك لك شفتي كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفادت هذه الرواية إبراز الضمير في رواية البخاري حيث قال فيها فأنا أحركهما ولم يتقدم للشفتين ذكر فعلمنا أن ذلك من تصرف الرواة (قوله فأنزل الله) أي بسبب ذلك واحتج بهذا من جواز اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم وجوز الفخر الرازي أن يكون أذن له في الاستعجال إلى وقت ورود النهي عن ذلك فلا يلزم وقوع الاجتهاد في ذلك والضمير في به عائد على القرآن وأن لم يجر له ذكر لكن القرآن يرشد إليه بل دل عليه سياق الآية (قوله علينا أن نجمعه في صدرك) كذا فسره أبن عباس وعبد الرزاق عن معمر عن قتادة تفسيره بالحفظ ووقع في رواية أبي عوانة جمعه لك في صدرك ورواية جرير أوضح وأخرج الطبري عن قتادة أن معنى جمعه تأليفه (قوله وقرآنه) زاد في رواية إسرائيل أن تقرأه أي أنت ووقع في رواية الطبري وتقرأه بعد (قوله فإذا قرأناه) أي أقرأه عليك الملك (فاتبع قرآنه فإذا أنزلناه فاستمع) هذا تأويل آخر لابن عباس غير المنقول عنه في الترجمة وقد وقع في رواية ابن عيينة مثل رواية جرير وفي رواية إسرائيل نحو ذلك وفي رواية أبي عوانة فاستمع وأنصت ولا شك أن الاستماع أخص من الانصات لان الاستماع الاصغاء والانصات السكوت ولا يلزم من السكوت الاصغاء وهو مثل قوله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا والحاصل أن لابن عباس في تأويل قوله تعالى أنزلناه وفي قوله فاستمع قولين وعند الطبري من طريق قتادة في قوله استمع أتبع جلالة واجتنب حرامه ويؤيده ما وقع في حديث الباب قوله في آخر الحديث فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه والضمير في قوله فاتبع قرآنه لجبريل والتقدير فإذا انتهت قراءة جبريل فأقرأ أنت (قوله ثم إن علينا بيانه علينا أن نبينه بلسانك) في رواية إسرائيل على لسانك وفي رواية أبي عوانة أن تقرأه وهي بمثناة فوقانية واستدل به على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب كما هو مذهب الجمهور من أهل السنة ونص عليه الشافعي لما تقتضيه ثم من التراخي وأول من استدل لذلك بهذه الآية القاضي أبو بكر بن الطيب وتبعوه وهذا لا يتم إلا على تأويل البيان بتبيين المعنى وإلا فإذا حمل على أن المراد استمرار حفظه له وظهور على لسانه فلا قال الآمدي يجوز أن يراد بالبيان الاظهار لا بيان المجمل يقال أبا الكوكب إذا ظهر قال ويؤيد ذلك أن المراد جميع القرآن والمجمل إنما هو بعضه ولا اختصاص
(٥٢٤)