الجاهلية الحديث وأخرجه عبد الرزاق عن معمر قال سئل الزهري عن النجوم أكان يرمي بها في الجاهلية قال نعم ولكنه إذ جاء الاسلام غلظ وشدد وهذا جمع حسن ويحتمل أن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وسلم وإذا رمى بها في الجاهلية أي جاهلية المخاطبين ولا يلزم أن يكون ذلك قبل المبعث فإن المخاطب بذلك الأنصار وكانوا قبل اسلامهم في جاهلية فإنهم لم يسلموا إلا بعد المبعث بثلاث عشرة سنة وقال السهيلي لم يزل القذف بالنجوم قديما وهو موجود في أشعار قدماء الجاهلية كأوس بن حجر وبشر بن أبي حازم وغيرهما وقال القرطبي يجمع بأنها لم تكن يرمي بها قبل المبعث رميا يقطع الشياطين عن استراق السمع ولكن كانت ترمي تارة ولا ترمي أخرى وترمى من جانب ولا ترمي من جميع الجوانب ولعل الإشارة إلى ذلك بقوله تعالى ويقذفون من كل جانب دحورا انتهى ثم وجدت عن وهب بن منبه ما يرفع الاشكال ويجمع بين مختلف الاخبار قال كان إبليس يصعد إلى السماوات كلهن يتقلب فيهن كيف شاء لا يمنع منذ أخرج آدم إلى أن رفع عيسى فحجب حينئذ من أربع سماوات فلما بعث نبينا حجب من الثلاث فصار يسترق السمع هو وجنوده ويقذفون بالكواكب ويؤيده ما روى الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس قال لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد فلما بعث محمد حرست حرسا شديدا ورجمت الشياطين فأنكروا ذلك ومن طريق السدي قال إن السماء لم تكن تحرس إلا أن يكون في الأرض نبي أو دين ظاهر وكانت الشياطين قد اتخذت مقاعد يسمعون فيها ما يحدث فلما بعث محمد رجموا وقال الزين بن المنير ظاهر الخبر أن الشهب لم تكن يرمى بها وليس كذلك لما دل عليه حديث مسلم وأما قوله تعالى فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا فمعناه أن الشهب كانت ترمي فتصيب تارة ولا تصيب أخرى وبعد البعثة أصابتهم إصابة مستمرة فوصفوها لذلك بالرصد لان الذي يرصد الشئ لا يخطئه فيكون المتجدد دوام الإصابة لا أصلها وأما قول السهيلي لولا أن الشهاب قد يخطئ الشيطان لم يتعرض له مرة أخرى فجوابه أنه يجوز أن يقع التعرض مع تحقق الإصابة لرجاء اختطاف الكلمة وإلقائها قبل إصابة الشهاب ثم لا يبالي المختطف بالإصابة لما طبع عليه من الشر كما تقدم وأخرج العقيلي وابن منده وغيرهما وذكره أبو عمر بغير سند من طريق لهب بفتحتين ويقال بالتصغير بن مالك الليثي قال ذكرت عند النبي صلى الله عليه وسلم لكهانة فقلت نحن أول من عرف حراسة السماء ورجم الشياطين ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم وذلك أنا اجتمعنا عند كاهن لنا يقال له خطر بن مالك وكان شيخا كبيرا قد أتت عليه مائتان وستة وثمانون سنة فقلنا يا خطر هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمي بها فإنا فزعنا منها وخفنا سوء عاقبتها الحديث وفيه فانقض نجم عظيم من السماء فصرخ الكاهن رافعا صوته أصابه أصابه * خامره عذابه * أحرقه شهابه الأبيات وفي الخبر أنه قال أيضا قد منع السمع عتاة الجان * بثاقب يتلف ذي سلطان * من أجل مبعوث عظيم الشأن وفيه أنه ق أرى لقومي ما أرى لنفسي * أن يتبعوا خير نبي الانس الحديث بطوله قال أبو عمر سنده ضعيف جدا ولولا فيه حكم لما ذكرته لكونه علما من أعلام
(٥١٦)