ذلك لان الأوس قومه وهم بنو النجار ولم يقل في الخزرج لما كان بين الأوس والخزرج من التشاحن قبل الاسلام ثم زال بالاسلام وبقي بعضه بحكم الانفة قال فتكلم سعد بن عبادة بحكم الانفة ونفى أن يحكم فيهم سعد بن معاذ وهو من الأوس قال ولم يرد سعد بن عبادة الرضا بما نقل عن عبد الله بن أبي وإنما بمعنى قول عائشة وكان قبل ذلك رجلا صالحا أي لم يتقدم منه ما يتعلق بالوقوف مع أنفة الحمية ولم ترد أنه ناضل عن المنافقين وهو كما قال إلا أن دعواه أن بني النجار قوم سعد بن معاذ خطأ وإنما هم من رهط سعد بن عبادة ولم يجر لهم في هذه القصة ذكر وقد تأول بعضهم ما دار بين السعدين بتأويل بعيد فارتكب شططا فزعم أن قول سعد بن عبادة لا تقتله ولا تقدر على قتله أي إن كان من الأوس واستدل على ذلك بأن بن معاذ لم يقل في الخزرجي ضربنا عنقه وإنما قال ذلك في الأوسي فدل على أن ابن عبادة لم يقل ذلك حمية لقومه إذ لو كان حمية لم يوجهها رهط غيره قال وسبب قوله ذلك أن الذي خاض في الإفك كان يظهر الاسلام ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقتل من يظهر الاسلام وأراد أن بقية قومه يمنعونه منه إذا أراد قتله إذا لم يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله فكأنه قال لا تقل ما لا تفعل ولا تعد بما لا تقدر على الوفاء به ثم أجاب عن قول عائشة احتملته الحمية بأنها كانت حينئذ منزعجة الخاطر لما دهمها من الامر فقد يقع في فهمها ما يكون أرجح منه وعن قول أسيد بن حضير الآتي بأنه حمل قول ابن عبادة على ظاهر لفظه وخفي عليه أن له محملا سائغا انتهى ولا يخفى ما فيه من التعسف من غير حاجة إلى ذلك وقوله إن عائشة قالت ذلك وهي منزعجة الخاطر مردود لان ذلك إنما يتم لو كانت حدثت بذلك عند وقوع الفتنة والواقع أنها إنما حدثت بها بعد دهر طويل حتى سمع ذلك منها عروة وغيره من التابعين كما قدمت الإشارة إليه وحينئذ كان ذلك الانزعاج وزال وانقضى والحق أنها فهمت ذلك عند وقوعه بقرائن الحال وأما قوله لا تقدر على قتله مع أن سعد بن معاذ لم يقل بقتله كما قال في حق من يكون من الأوس فإن سعد بن عبادة فهم أن قول ابن معاذ أمرتنا بأمرك أي إن أمرتنا بأمرك أي أمرتنا بقتله قتلناه وإن أمرت قومه بقتله قتلوه فنفى سعد بن عبادة قدرة سعد بن معاذ على قتله إن كان من الخزرج لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر غير قومه بقتله فكأنه أيأسه من مباشرة قتله وذلك بحكم الحمية التي أشارت إليها عائشة ولا يلزم من ذلك ما فهمه المذكور أنه يرد أمر النبي صلى الله عليه بقتله ولا يمتثله حاشا لسعد من ذلك وقد اعتذر المازري عن قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة إنك منافق أن ذلك وقع منه على جهة الغيظ والحنق والمبالغة في زجر سعد بن عبادة عن المجادلة عن ابن أبي وغيره ولم يرد النفاق الذي هو إظهار الايمان وإبطان الكفر قال ولعله صلى الله عليه وسلم إنما ترك الانكار عليه لذلك وسأذكر ما في فوائد هذا الحديث في آخر شرحه زيادة في هذا (قوله فقام أسيد بن حضير) بالتصغير فيه وفي أبيه وأبوه بمهملة ثم معجمة تقدم نسبه في المناقب (قوله وهو ابن عم سعد بن معاذ) أي من رهطه ولم يكن ابن عمه لحا لأنه سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل وأسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس إنما يجتمعان في امرئ القيس وهما في التعدد إليه سواء (قوله فقال لسعد ابن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه) أي ولو كان من الخزرج إذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وليست لكم قدرة على منعنا من ذلك (قوله فإنك منافق تجادل عن المنافقين) أطلق أسيد
(٣٦٢)