لأنه في تلك الأيام وقد ذكر ابن إسحاق أنه استشهد في غزاة أرمينية في خلافة عمر سنة تسع عشرة وقيل بل عاش إلى سنة أربع وخمسين فاستشهد بأرض الروم في خلافة معاوية (قوله من وراء الجيش) في رواية معمر قد عرس من وراء الجيش وعرس بمهملات مشددا أي نزل قال أبو زيد التعريس النزول في السفر في أي وقت كان وقال غيره أصله النزول من آخر الليل في السفر للراحة ووقع في حديث ابن عمر بيان سبب تأخر صفوان ولفظه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة فكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم فمن سقط له شئ أتاه به وفي حديث أبي هريرة وكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والإداوة وفي مرسل مقاتل بن حيان فيحمله فيقدم به فيعرفه في أصحابه وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه (قوله فأدلج فأصبح عند منزلي) أدلج بسكون الدال في روايتنا وهو كاد لج بتشديدها وقيل بالسكون سار من أوله وبالتشديد سار من آخره وعلى هذا فيكون الذي هنا بالتشديد لأنه كان في آخر الليل وكأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل ويحتمل أن يكون سبب تأخيره ما جرت به عادته من غلبة النوم عليه ففي سنن أبي داود والبزار وابن سعد وصحيح ابن حبان والحاكم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد إن امرأة صفوان بن المعطل جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن زوجي يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس قال وصفوان عنده فسأله فقال أما قولها يضربني إذا صليت فإنها تقرأ سورتي وقد نهيتها عنها وأما قولها يفطرني إذا صمت فأنا رجل شاب لا أصبر وأما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس فانا أهل بيت قد عرف لنا ذلك فلا نستيقظ حتى تطلع الشمس الحديث قال البزار هذا الحديث كلامه منكر ولعل الأعمش أخذه من غير ثقة فدلسه فصار ظاهر سنده الصحة وليس للحديث عندي أصل انتهى وما أعله به ليس بقادح لان بن سعد صرح في روايته بالتحديث بين الأعمش وأبي صالح وأما رجاله فرجال الصحيح ولما أخرجه أبو داود قال بعده رواه حماد بن سلمة عن حميد عن ثابت عن أبي المتوكل عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه متابعة جيدة تؤذن بأن للحديث أصلا وغفل من جعل هذه الطريقة الثانية علة للطريق الأولى وأما استنكار البزار ما وقع في متنه فمراده أنه مخالف للحديث الآتي قريبا من رواية أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة الإفك قالت فبلغ الامر ذلك الرجل فقال سبحان الله والله ما كشفت كنف أنثى قط أي ما جامعتها والكنف بفتحتين الثوب الساتر ومنه قولهم أنت في كنف الله أي في ستره والجمع بينه وبين حديث أبي سعيد على ما ذكر القرطبي أن مراده بقوله ما كشفت كنف أنثى قط أي بزنا (قلت) وفيه نظر لان في رواية سعيد بن أبي هلال عن هشام بن عروة في قصة الإفك أن الرجل الذي قيل فيه ما قيل لما بلغه الحديث قال والله ما أصبت امرأة قط حلالا ولا حراما وفي حديث ابن عباس عند الطبراني وكان لا يقرب النساء فالذي يظهر أن مراده بالنفي المذكور ما قبل هذه القصة ولا مانع أن يتزوج بعد ذلك فهذا الجمع لا اعتراض عليه إلا بما جاء عن ابن إسحاق أنه كان حصورا لكنه لم يثبت فلا يعارض الحديث الصحيح ونقل القرطبي أنه هو الذي جاءت امرأته تشكوه ومعها ابنان لها منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما أشبه به من الغراب بالغراب ولم أقف على مستند القرطبي في ذلك وسيأتي هذا
(٣٥٠)