أن يكون اتفاقا أجراه الله على لسانها لتستيقظ عائشة من غفلتها عما قيل فيها (قوله قالت أي هنتاه) أي حرف نداء للبعيد وقد يستعمل للقريب حيث ينزل منه منزل البعيد والنكتة فيه هنا أن أم مسطح نسبت عائشة إلى الغفلة عما قيل فيها لانكارها سب مسطح فخاطبتها خطاب البعيد وهنتاه بفتح الهاء وسكون النون وقد تفتح بعدها مثناة وآخره هاء ساكنة وقد تضم أي هذه وقيل امرأة وقيل بلهى كأنها نسبتها إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وهذه اللفظة تختص بالنداء وهي عبارة عن كل نكرة وإذا خوطب المذكر قيل يا هنة وقد تشبع النون فيقال يا هناه وحكى بعضهم تشديد النون فيه وأنكره الأزهري (قوله قالت قلت وما قال) في رواية أبي أويس فقالت لها إنك لغافلة عما يقول الناس وفيها أن مسطحا وفلانا وفلانا يجتمعون في بيت عبد الله ابن أبي يتحدثون عنك وعن صفوان يرمونك به وفي رواية مقسم عن عائشة أشهد إنك من الغافلات المؤمنات وفي رواية هشام بن عروة الآتية فنقرت لي الحديث وهي بنون وقاف ثقيلة أي شرحته ولبعضهم بموحدة وقاف خفيفة أي أعلمتنيه (قوله فازددت مرضا على مرضى) عند سعيد بن منصور من مرسل أبي صالح فقالت وما تدرين ما قال قالت لا والله فأخبرتها بما خاض فيه الناس فأخذتها الحمى وعند الطبراني بإسناد صحيح عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليبا فأطرح نفسي فيه وأخرجه أبو عوانة أيضا (قوله فلما رجعت إلى بيتي ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية معمر فدخل قيل الفاء زائدة والأولى أن في الكلام حذفا تقديره فلما دخلت بيتي استقريت فيه فدخل (قوله فقلت أتأذن لي أن آتي أبوي في رواية هشام بن عروة المعلقة فقلت أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام وسيأتي نحوه موصولا في الاعتصام ولم أقف على اسم هذا الغلام (قوله فقلت لأمي يا أمتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك) في رواية هشام بن عروة فقالت يا بنية خففي عليك الشأن (قوله وضيئة) بوزن عظيمة من الوضاءة أي حسنة جميلة وعند مسلم من رواية ابن ماهان حظية بمهملة ثم معجمة من الحظوة أي رفيعة المنزلة وفي رواية هشام ما كانت امرأة حسناء (قوله ضرائر) جمع ضرة وقيل للزوجات ضرائر لان كل واحدة يحصل لها الضرر من الأخرى بالغيرة (قوله أكثرن عليها) في رواية الكشميهني كثرن بالتشديد أي القول في عيبها وفي رواية ابن حاطب لقلما أحب رجل امرأته إلا قالوا لها نحو ذلك وفي رواية هشام إلا حسدنها وقيل فيها وفي هذا الكلام من فطنة أمها وحسن تأتيها في تربيتها ما لا مزيد عليه فإنها علمت أن ذلك يعظم عليها فهونت عليها الامر بإعلامها بأنها لم تنفرد بذلك لان المرء يتأسى بغيره فيما يقع له وأدمجت في ذلك ما تطيب به خاطرها من أنها فائقة في الجمال والحظوة وذلك مما يعجب المرأة أن توصف به مع ما فيه من الإشارة إلى ما وقع من حمنة بنت جحش وأن الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها زينب بنت جحش وعرف من هذا أن الاستثناء في قولها إلا أكثرن عليها متصل لأنها لم تقصد قصتها بعينها بل ذكرت شأن الضرائر وأما ضرائرها هي فإنهن وإن كن لم يصدر منهن في حقها شئ مما يصدر من الضرائر لكن لم يعدم ذلك ممن هو منهن بسبيل كما وقع من حمنة لان ورع أختها منعها من القول في عائشة كما منع بقية أمهات المؤمنات وإنما اختصت زينب بالذكر لأنها التي كانت تضاهي عائشة في المنزلة (قوله فقلت سبحان الله أو لقد تحدث الناس بهذا)
(٣٥٥)