هي فيه بالرحل الذي يوضع على البعير (قوله فرحلوه) في وضعوه وفيه تجوز وإنما الرحل هو الذي يوضع على ظهر البعير ثم يوضع الهودج فوقه (قوله وكان النساء إذ ذاك خفافا) قالت هذا كالتفسير لقولها وهم يحسبون إني فيه (قوله لم يثقلهن اللحم) في رواية فليح لم يثقلهن ولم يغشهن اللحم قال بن أبي جمرة ليس هذا تكرارا لان كل سمين ثقيل من غير عكس لان الهزيل قد يمتلئ بطنه طعاما فيقل بدنه فأشارت إلى أن المعنيين لم يكونا في نساء ذلك الزمان وقال الخطابي معنى قولها لم يغشهن أي لم يكثر عليهن فيركب بعضه بعضا وفي رواية معمر لم يهبلهن وضبطه بن الخشاب فيما حكاه بن الجوزي بفتح أوله وسكون الهاء وكسر الموحدة ومثله القرطبي لكن قال وضم الموحدة قال لان ماضيه بفتحتين مخففا وقال النووي المشهور في ضبطه بضم أوله وفتح الهاء وتشديد الموحدة وبفتح أوله وثالثه أيضا وبضم أوله وكثالثه من الرباعي يقال هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وأصبح فلان مهبلا أي كثير اللحم أو رام الوجه (قلت) وفي رواية ابن جريج لم يهبلهن اللحم وحكى القرطبي أنها في رواية لابن الحذاء في مسلم أيضا وأشار إليها ابن الجوزي وقال المهبل الكثير اللحم الثقيل الحركة من السمن وفلان مهبل أي مهيج كأن به ورما (قوله إنما يأكلن) كذا للأكثر وفي رواية الكشميهني هنا إنما نأكل بالنون أوله وباللام فقط (قوله العلقة) بضم العين المهملة وسكون اللام ثم قاف أي القليل قال القرطبي كأن المراد الشئ القليل الذي يسكن الرمق كذا قال وقد قال الخليل العلقة ما فيه بلغة من الطعام إلى وقت الغداء حكاه ابن بطال قال وأصلها شجر يبقى في الشتاء تتبلغ به الإبل حتى يدخل زمن الربيع (قوله فلم يستنكر القوم خفة الهودج) وقع في رواية فليح ومعمر ثقل الهودج والأول أوضح لان مرادها إقامة عذرهم في تحميل هودجها وهي ليست فيه فكأنها تقول كأنها لخفة جسمها بحيث أن الذين يحملون هودجها لا فرق عندهم بين وجودها فيه وعدمها ولهذا أردفت ذلك بقولها وكنت جارية حديثه السن أي أنها من نحافتها صغيرة السن فذلك أبلغ في خفتها وقد وجهت الرواية الأخرى بأن المراد لم يستنكروا الثقل الذي اعتادوه لان ثقله في الأصل إنما هو ركب الهودج منه من خشب وحبال وستور وغير ذلك وأما هي فلشدة نحافتها كان لا يظهر بوجودها فيه زيادة ثقل والحاصل أن الثقل والخفة من الأمور الإضافية فيتفاوتان بالنسبة ويستفاد من ذلك أيضا أن الذين كانوا يرحلون بعيرها كانوا في غاية الأدب معها والمبالغة في ترك التنقيب عما في الهودج بحيث أنها لم تكن فيه وهم يظنون أنها فيه وكأنهم جوزوا أنها نائمة (قوله وكنت جارية حديثه السن) هو كما قالت لأنها أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة في شوال ولها تسع سنين وأكثر ما قبل في المريسيع كما سيأتي أنها عند ابن إسحاق كانت في شعبان سنة ست فتكون لم تكمل خمس عشرة فإن كانت المريسيع قبل ذلك فتكون أصغر من ذلك وقد أشرت إلى فائدة ذكرها ذلك قبل ويحتمل أن تكون أشارت بذلك إلى بيان عذرها فيما فعلته من الحرص على العقد الذي انقطع ومن استقلالها بالتفتيش عليه في تلك الحال وترك إعلام أهلها بذلك وذلك لصغر سنها وعدم تجاربها للأمور بخلاف ما لو كانت ليست صغيرة لكانت تتفطن لعاقبة ذلك وقد وقع لها بعد ذلك في ضياع العقد أيضا أنها أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بأمره فأقام بالناس على غير ماء حتى وجدته ونزلت آية التيمم بسبب ذلك فظهر تفاوت
(٣٤٨)