وغير الخائف المراقب يقرب منه ويرعى من جوانبه فلا يأمن ان تنفرد الفاذة فتقع فيه بغير اختياره أو يمحل المكان الذي هو فيه ويقع الخصب في الحمى فلا يملك نفسه ان يقع فيه فالله سبحانه وتعالى هو الملك حقا وحماه محارمه * (تنبيه) * ادعى بعضهم ان التمثيل من كلام الشعبي وانه مدرج في الحديث حكى ذلك أبو عمرو الداني ولم أقف على دليله الا ما وقع عند ابن الجارود والإسمعيلي من رواية ابن عون عن الشعبي قال ابن عون في آخر الحديث لا أدرى المثل من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول الشعبي قلت وتردد ابن عون في رفعه لا يستلزم كونه مدرجا لان الاثبات قد جزموا باتصاله ورفعه فلا يقدح شك بعضهم فيه وكذلك سقوط المثل من رواية بعض الرواة كأبى فروة عن الشعبي لا يقدح فيمن أثبته لانهم حفاظ ولعل هذا هو السر في حذف البخاري قوله وقع في الحرام ليصير ما قبل المثل مرتبطا به فيسلم من دعوى الادراج ومما يقوى عدم الادراج رواية ابن حبان الماضية وكذا ثبوت المثل مرفوعا في رواية ابن عباس وعمار بن ياسر أيضا (قوله ألا ان حمى الله في أرضه محارمه) سقط في أرضه من رواية المستملى وثبتت الواو في قوله ألا وان حمى الله في رواية غير أبي ذر والمراد بالمحارم فعل المنهى المحرم أو ترك المأمور الواجب ولهذا وقع في رواية أبى فروة التعبير بالمعاصي بدل المحارم وقوله الا للتنبيه على صحة ما بعدها وفى اعادتها وتكريرها دليل على عظم شأن مدلولها (قوله مضغة) أي قدر ما يمضغ وعبر بها هنا عن مقدار القلب في الرؤية وسمى القلب قلبا لتقلبه في الأمور أو لأنه خالص ما في البدن وخالص كل شئ قلبه أو لأنه وضع في الجسد مقلوبا وقوله إذا صلحت وإذا فسدت هو بفتح عينهما وتضم في المضارع وحكى الفراء الضم في ماضي صلح وهو بضم وفاقا إذا صار له الصلاح هيئة لازمة لشرف ونحوه والتعبير بإذا لتحقق الوقوع غالبا وقد تأتى بمعنى ان كما هنا وخص القلب بذلك لأنه أمير البدن وبصلاح الأمير تصلح الرعية وبفساده تفسد وفيه تنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على صلاحه والإشارة إلى أن لطيب الكسب أثرا فيه والمراد المتعلق به من الفهم الذي ركبه الله فيه ويستدل به على أن العقل في القلب ومنه قوله تعالى فتكون لهم قلوب يعقلون بها وقوله تعالى ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب قال المفسرون أي عقل وعبر عنه بالقلب لأنه محل استقراره * (فائدة) * لم تقع هذه الزيادة التي أولها ألا وان في الجسد مضغة الا في رواية الشعبي ولا هي في أكثر الروايات عن الشعبي انما تفرد بها في الصحيحين زكريا المذكور عنه وتابعه مجاهد عند أحمد ومغيرة وغيره عند الطبراني وعبر في بعض رواياته عن الصلاح والفساد بالصحة والسقم ومناسبتها لما قبلها بالنظر إلى أن الأصل في الاتقاء والوقوع هو ما كان بالقلب لأنه عماد البدن وقد عظم العلماء أمر هذا الحديث فعدوه رابع أربعة تدور عليها الاحكام كما نقل عن أبي داود وفيه البيتان المشهوران وهما عمدة الدين عندنا كلمات * مسندات من قول خير البرية اترك المشبهات وازهد ودع ما * ليس يعينك واعملن بنيه والمعروف عن أبي داود عد ما نهيتكم عنه فاجتنبوه الحديث بدل أزهد فيما في أيدي الناس وجعله بعضهم ثالث ثلاثة حذف الثاني وأشار ابن العربي إلى أنه يمكن ان ينتزع منه وحده جميع الأحكام قال القرطبي لأنه اشتمل على التفصيل بين الحلال وغيره وعلى تعلق جميع
(١١٩)