الخطاب إليهم قال ابن التين لا يمتنع الزيادة إذا حصل الوفاء بوعد الأربع (قلت) ويدل على ذلك لفظ رواية مسلم من حديث أبي سعيد الخدري في هذه القصة آمركم بأربع اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان وأعطوا الخمس من الغنائم وقال القاضي أبو بكر بن العربي ويحتمل أن يقال إنه عد الصلاة والزكاة واحدة لأنها قرينتها في كتاب الله وتكون الرابعة أداء الخمس أو انه لم يعد أداء الخمس لأنه داخل في عموم إيتاء الزكاة والجامع بينهما أنهما اخراج مال معين في حال دون حال وقال البيضاوي الظاهر أن الأمور الخمسة المذكورة هنا تفسير للايمان وهو أحد الأربعة الموعود بذكرها والثلاثة الاخر حذفها الراوي اختصارا أو نسيانا كذا قال وما ذكر أنه الظاهر لعله بحسب ما ظهر له والا فالظاهر من السياق ان الشهادة أحد الأربع لقوله وعقد واحدة وكان القاضي أراد أن يرفع الاشكال من كون الايمان واحدا والموعود بذكره أربعا وقد أجيب عن ذلك بأنه باعتبار أجزائه المفصلة أربع وهو في حد ذاته واحد والمعنى أنه اسم جامع للخصال الأربع التي ذكر أنه يأمرهم بها ثم فسرها فهو واحد بالنوع متعدد بحسب وظائفه كما أن المنهى عنه وهو الانتباذ فيما يسرع إليه الاسكار واحد بالنوع متعدد بحسب أوعيته والحكمة في الاجمال بالعدد قبل التفسير أن تتشوف النفس إلى التفصيل ثم تسكن إليه وان يحصل حفظها للسامع فإذا نسى شيئا من تفاصيلها طلب نفسه بالعدد فإذا لم يستوف العدد الذي في حفظه علم أنه قد فاته بعض ما سمع وما ذكره القاضي عياض من أن السبب في كونه لم يذكر الحج في الحديث لأنه لم يكن فرض هو المعتمد وقد قدمنا الدليل على قدم اسلامهم لكن جزم القاضي بأن قدومهم كان في سنة ثمان قبل فتح مكة تبع فيه الواقدي وليس بجيد لان فرض الحج كان سنة ست على الأصح كما سنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى ولكن القاضي يختار أن فرض الحج كان سنة تسع حتى لا يرد على مذهبه أنه على الفور اه وقد احتج الشافعي لكونه على التراخي بأن فرض الحج كان بعد الهجرة وان النبي صلى الله عليه وسلم كان قادرا على الحج في سنة ثمان وفى سنة تسع ولم يحج الا في سنة عشر وأما قول من قال إنه ترك ذكر الحج لكونه على التراخي فليس بجيد لان كونه على التراخي لا يمنع من الامر به وكذا قول من قال انما تركه لشهرته عندهم ليس بقوى لأنه عند غيرهم ممن ذكره لهم أشهر منه عندهم وكذا قول من قال إن ترك ذكره لانهم لم يكن لهم إليه سبيل من أجل كفار مضر ليس بمستقيم لأنه لا يلزم من عدم الاستطاعة في الحال ترك الاخبار به ليعمل به عند الامكان كما في الآية بل دعوى انهم كانوا لا سبيل لهم إلى الحج ممنوعة لان الحج يقع في الأشهر الحرم وقد ذكروا انهم كانوا يأمنون فيها لكن يمكن أن يقال إنه انما أخبرهم ببعض الأوامر لكونهم سألوه أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنة فاقتصر لهم على ما يمكنهم فعله في الحال ولم يقصد اعلامهم بجميع الاحكام التي تجب عليهم فعلا وتركا ويدل على ذلك اقتصاره في المناهي على الانتباذ في الأوعية مع أن في المناهي ما هو أشد في التحريم من الانتباذ لكن اقتصر عليها لكثرة تعاطيهم لها وأما ما وقع في كتاب الصيام من السنن الكبرى للبيهقي من طريق أبى قلابة الرقاشي عن أبي زيد الهروي عن قرة في هذا الحديث من زيادة ذكر الحج ولفظه وتحجوا البيت الحرام ولم يتعرض لعدد فهي رواية شاذة وقد أخرجه الشيخان ومن استخرج عليهما والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من طريق قرة لم يذكر أحد منهم
(١٢٤)