النسائي من حديث عاصم بن بشير الحارثي عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما دخل فسلم عليه مرحبا وعليك السلام (قوله غير خزايا) بنصب غير على الحال وروى بالكسر على الصفة والمعروف الأول قاله النووي ويؤيده رواية المصنف في الأدب من طريق أبى التياح عن أبي جمرة مرحبا بالوفد الذين جاؤوا غير خزايا ولا ندامى وخزايا جمع خزيان وهو الذي أصابه خزى والمعنى انهم أسلموا طوعا من غير حرب أو سبى يخزيهم ويفضحهم (قوله ولا ندامى) قال الخطابي كان أصله نادمين جمع نادم لان ندامى انما هو جمع ندمان أي المنادم في اللهو قال الشاعر * فان كنت ندماني فبالأكبر اسقنى * لكنه هنا خرج على الاتباع كما قالوا العشايا والغدايا وغداة جمعها الغدوات لكنه اتبع انتهى وقد حكى القزاز والجوهري وغيرهما من أهل اللغة انه يقال نادم وندمان في الندامة بمعنى فعلى هذا فهو على الأصل ولا اتباع فيه والله أعلم ووقع في رواية النسائي من طريق قرة فقال مرحبا بالوفد ليس الخزايا ولا النادمين وهى للطبراني من طريق شعبة أيضا قال ابن أبي جمرة بشرهم بالخير عاجلا وآجلا لان الندامة انما تكون في العاقبة فإذا انتفت ثبت ضدها وفيه دليل على جواز الثناء على الانسان في وجهه إذا أمن عليه الفتنة (قوله فقالوا يا رسول الله) فيه دليل على أنهم كانوا حين المقابلة مسلمين وكذا في قولهم كفار مضر وفى قولهم الله ورسوله أعلم (قوله الا في الشهر الحرام) وللاصيلى وكريمة الا في شهر الحرام وهى رواية مسلم وهى من إضافة الشئ إلى نفسه كمسجد الجامع ونساء المؤمنات والمراد بالشهر الحرام الجنس فيشمل الأربعة الحرم ويؤيده رواية قرة عند المؤلف في المغازي بلفظ الا في أشهر الحرم ورواية حماد بن زيد عنده في المناقب بلفظ الا في كل شهر حرام وقيل اللام للعهد والمراد شهر رجب وفى رواية للبيهقي التصريح به وكانت مضر تبالغ في تعظيم شهر رجب فلهذا أضيف إليهم في حديث أبي بكرة حيث قال رجب مضر كما سيأتي والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخرى الا انهم ربما أنسوها بخلافه وفيه دليل على تقدم اسلام عبد القيس على قبائل مضر الذين كانوا بينهم وبين المدينة وكانت مساكن عبد القيس بالبحرين وما والاها من أطراف العراق ولهذا قالوا كما في رواية شعبة عند المؤلف في العلم وانا نأتيك من شقة بعيدة قال ابن قتيبة الشقة السفر وقال الزجاج هي الغاية التي تقصد ويدل على سبقهم إلى الاسلام أيضا ما رواه المصنف في الجمعة من طريق أبى جمرة أيضا عن ابن عباس قال إن أول جمعة جمعت بعد جمعة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد القيس بجواثي من البحرين وجواثي بضم الجيم وبعد الألف مثلثة مفتوحة وهى قرية شهيرة لهم وانما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم فدل على أنهم سبقوا جميع القرى إلى الاسلام (قوله بأمر فصل) بالتنوين فيهما لا بالإضافة والامر واحد الأوامر أي مرنا بعمل بواسطة افعلوا ولهذا قال الراوي أمرهم وفى رواية حماد بن زيد وغيره عند المؤلف قال النبي صلى الله عليه وسلم آمركم وله عن أبي التياح بصيغة افعلوا والفصل بمعنى الفاصل كالعدل بمعنى العادل أي يفصل بين الحق والباطل أو بمعنى المفصل أي المبين المكشوف حكاه الطيبى وقال الخطابي الفصل البين وقيل المحكم (قوله نخبر به) بالرفع على الصفة لأمر وكذا قوله وندخل ويروى بالجزم فيهما على أنه جواب الامر وسقطت
(١٢٢)