أورد حديث الباب في أبواب الايمان (قوله حدثنا زكريا) هو ابن أبي زائدة واسم أبى زائدة خالد بن ميمون الوادعي (قوله عن عامر) هو الشعبي الفقيه المشهور ورجال الاسناد كوفيون وقد دخل النعمان الكوفة وولى امرتها ولابى عوانة في صحيحه من طريق أبى حريز وهو بفتح الحاء المهملة وآخره زاي عن الشعبي أن النعمان بن بشير خطب به بالكوفة وفى رواية لمسلم انه خطب به بحمص ويجمع بينهما بأنه سمع منه مرتين فإنه ولى أمرة البلدين واحدة بعد أخرى وزاد مسلم والإسمعيلي من طريق زكريا فيه وأهوى النعمان بإصبعيه إلى اذنيه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وفى هذا رد لقول الواقدي ومن تبعه ان النعمان لا يصح سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه دليل على صحة تحمل الصبي المميز لان النبي صلى الله عليه وسلم مات وللنعمان ثمان سنين وزكريا موصوف بالتدليس ولم أره في الصحيحين وغيرهما من روايته عن الشعبي الا منعنا ثم وجدته في فوائد ابن أبي الهيثم من طريق يزيد بن هارون عن زكريا حدثنا الشعبي فحصل الأمن من تدليسه * (فائدة) * ادعى أبو عمرو الداني ان هذا الحديث لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير النعمان بن بشير فان أراد من وجه صحيح فمسلم والا فقد رويناه من حديث ابن عمر وعمار في الأوسط للطبراني ومن حديث ابن عباس في الكبير له ومن حديث واثلة في الترغيب للأصبهاني وفى أسانيدها مقال وادعى أيضا انه لم يروه عن النعمان غير الشعبي وليس كما قال فقد رواه عن النعمان أيضا خيثمة بن عبد الرحمن عند أحمد وغيره وعبد الملك بن عمير عند أبي عوانة وغيره وسماك بن حرب عند الطبراني لكنه مشهور عن الشعبي رواه عنه جمع جم من الكوفيين ورواه عنه من البصريين عبد الله ابن عون وقد ساق البخاري اسناده في البيوع ولم يسق لفظه وساقه أبو داود وسنشير إلى ما فيه من فائدة إن شاء الله تعالى (قوله الحلال بين والحرام بين) أي في عينهما ووصفهما بادلتهما الظاهرة (قوله وبينهما مشبهات) بوزن مفعلات بتشديد العين المفتوحة وهى رواية مسلم أي شبهت بغيرها مما لم يتبين به حكمها على التعيين وفى رواية الأصيلي مشتبهات بوزن مفتعلات بتاء مفتوحة وعين خفيفة مكسورة وهى رواية ابن ماجة وهو لفظ ابن عون والمعنى انها موحدة اكتسبت الشبه من وجهين متعارضين ورواه الدارمي عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ وبينهما متشابهات (قوله لا يعلمها كثير من الناس) أي لا يعلم حكمها وجاء واضحا في رواية الترمذي بلفظ لا يدرى كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام ومفهوم قوله كثير ان معرفة حكمها ممكن لكن للقليل من الناس وهم المجتهدون فالشبهات على هذا في حق غيرهم وقد تقع لهم حيث لا يظهر له ترجيح أحد الدليلين (قوله فمن اتقى المشبهات أي حذر منها والاختلاف في لفظها بين الرواة نظير التي قبلها لكن عند مسلم والإسمعيلي الشبهات بالضم جمع شبهة (قوله استبرأ) بالهمز بوزن استفعل من البراءة أي برأ دينه من النقص وعرضه من الطعن فيه لان من لم يعرف باجتناب الشبهات لم يسلم لقول من يطعن فيه وفيه دليل على أن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه وفى هذا إشارة إلى المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروأة (قوله ومن وقع في الشبهات) فيها أيضا ما تقدم من اختلاف الرواة واختلف في حكم الشبهات فقيل التحريم وهو مردود وقيل الكراهة وقيل الوقف وهو
(١١٧)