وقال القرطبي بناء على أنه لم يسلم وقال يا محمد انه أراد بذلك التعمية فصنع صنيع الاعراب قلت ويجمع بين الروايتين بأنه بدأ أولا بندائه باسمه لهذا المعنى ثم خاطبه بقوله يا رسول الله ووقع عند القرطبي أنه قال السلام عليكم يا محمد فاستنبط منه أنه يستحب للداخل أن يعمم بالسلام ثم يخصص من يريد تخصيصه انتهى والذي وقفت عليه من الروايات انما فيه الافراد وهو قوله السلام عليك يا محمد (قوله ما الايمان) قيل قدم السؤال عن الايمان لأنه الأصل وثنى بالاسلام لأنه يظهر مصداق الدعوى وثلث بالاحسان لأنه متعلق بهما وفى رواية عمارة بن القعقاع بدأ بالاسلام لأنه بالامر الظاهر وثنى بالايمان لأنه بالامر الباطن ورجح هذا الطيبى لما فيه من الترقي ولا شك أن القصة واحدة اختلف الرواة في تأديتها وليس في السياق ترتيب ويدل عليه رواية مطر الوراق فإنه بدأ بالاسلام وثنى بالاحسان وثلث بالايمان فالحق أن الواقع أمر واحد والتقديم والتأخير وقع من الرواة والله أعلم (قوله قال الايمان أن تؤمن بالله الخ) دل الجواب على أنه علم أنه سأله عن متعلقاته لا عن معنى لفظه والا لكان الجواب الايمان التصديق وقال الطيبى هذا يوهم التكرار وليس كذلك فان قوله أن تؤمن بالله مضمن معنى أن تعترف به ولهذا عداه بالباء أي أن تصدق معترفا بكذا قلت والتصديق أيضا يعدى بالباء فلا يحتاج إلى دعوى التضمين وقال الكرماني ليس هو تعريفا للشئ بنفسه بل المراد من المحدود الايمان الشرعي ومن الحد الايمان اللغوي قلت والذي يظهر أنه انما أعاد لفظ الايمان للاعتناء بشأنه تفخيما لامره ومنه قوله تعالى قل يحييها الذي أنشأها أول مرة في جواب من يحيى العظام وهى رميم يعنى أن قوله أن تؤمن ينحل منه الايمان فكأنه قال الايمان الشرعي تصديق مخصوص والا لكان الجواب الايمان التصديق والايمان بالله هو التصديق بوجوده وانه متصف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص (قوله وملائكته) الايمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وانهم كما وصفهم الله تعالى عباد مكرمون وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظرا للترتيب الواقع لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول وليس فيه متمسك لمن فضل الملك على الرسول (قوله وكتبه) هذه عند الأصيلي هنا واتفق الرواة على ذكرها في التفسير والايمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله وان ما تضمنته حق (قوله وبلقائه) كذا وقعت هنا بين الكتب والرسل وكذا لمسلم من الطريقين ولم تقع في بقية الروايات وقد قيل إنها مكررة لأنها داخلة في الايمان بالبعث والحق أنها غير مكررة فقيل المراد بالبعث القيام من القبور والمراد باللقاء ما بعد ذلك وقيل اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا والبعث بعد ذلك ويدل على هذا رواية مطر الوراق فان فيها وبالموت وبالبعث بعد الموت كذا في حديثي أنس وابن عباس وقيل المراد باللقاء رؤية الله ذكره الخطابي وتعقبه النووي بأن أحدا لا يقطع لنفسه برؤية الله فإنها مختصة بمن مات مؤمنا والمرء لا يدرى بم يختم له فكيف يكون ذلك من شروط الايمان وأجيب بان المراد الايمان بان ذلك حق في نفس الامر وهذا من الأدلة القوية لأهل السنة في اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة إذ جعلت من قواعد الايمان (قوله ورسله) وللاصيلى وبرسله ووقع في حديث أنس وابن عباس والملائكة والكتاب والنبيين وكل من السياقين في القرآن في البقرة والتعبير بالنبيين يشمل الرسل من غير عكس والايمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله ودل الاجمال في الملائكة والكتب والرسل على
(١٠٨)