نبيكم صلى الله عليه وسلم علم كل شئ سوى هذه الخمس وعن ابن عمر مرفوعا نحوه أخرجهما أحمد وأخرج حميد بن زنجويه عن بعض الصحابة انه ذكر العلم بوقت الكسوف قبل ظهوره فأنكر عليه فقال انما الغيب خمس وتلا هذه الآية وما عدا ذلك غيب يعلمه قوم ويجهله قوم * (تنبيه) * تضمن الجواب زيادة على السؤال للاهتمام بذلك ارشادا للأمة لما يترتب على معرفة ذلك من المصلحة فان قيل ليس في الآية أداة حصر كما في الحديث أجاب الطيبى بان الفعل إذا كان عظيم الخطر وما ينبنى عليه الفعل رفيع الشأن فهم منه الحصر على سبيل الكناية ولا سيما إذا لوحظ ما ذكر في أسباب النزول من أن العرب كانوا يدعون علم نزول الغيث فيشعر بان المراد من الآية نفى علمهم بذلك واختصاصه بالله سبحانه وتعالى * (فائدة) * النكتة في العدول عن الاثبات إلى النفي في قوله تعالى وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وكذا التعبير بالدراية دون العلم للمبالغة والتعميم إذ الدراية اكتساب علم الشئ بحيلة فإذا انتفى ذلك عن كل نفس مع كونه من مختصاتها ولم يقع منه على علم كان عدم اطلاعها على علم غير ذلك من باب أولي اه ملخصا من كلام الطيبى (قوله الآية) أي تلا الآية إلى آخر السورة وصرح بذلك الإسماعيلي وكذا في رواية عمارة ولمسلم إلى قوله خبير وكذا في رواية أبى فروة وأما ما وقع عند المؤلف في التفسير من قوله إلى الأرحام فهو تقصير من بعض الرواة والسياق يرشد إلى أنه تلا الآية كلها (قوله ثم أدبر فقال ردوه) زاد في التفسير فاخذوا ليردوه فلم يرو شياء فيه ان الملك يجوز ان يتمثل لغير النبي صلى الله عليه وسلم فيراه ويتكلم بحضرته وهو يسمع وقد ثبت عن عمران بن حصين انه كان يسمع كلام الملائكة والله أعلم (قوله جاء يعلم الناس) في التفسير ليعلم وللإسمعيلي أراد أن تعلموا إذ لم تسألوا ومثله لعمارة وفى رواية أبى فروة والذي بعث محمدا بالحق ما كنت بأعلم به من رجل منكم وانه لجبريل وفى حديث أبي عامر ثم ولى فلما لم نر طريقه قال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم والذي نفس محمد بيده ما جاءني قط الا وأنا أعرفه الا أن تكون هذه المرة وفى رواية التيمي ثم نهض فولى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بالرجل فطلبناه كل مطلب فلم نقدر عليه فقال هل تدرون من هذا هذا جبريل اتاكم ليعلمكم دينكم خذوا عنه فوالذي نفسي بيده ما شبه على منذ أتاني قبل مرتي هذه وما عرفته حتى ولى قال ابن حبان تفرد سليمان التيمي بقوله خذوا عنه (قلت) وهو من الثقات الاثبات وفى قوله جاء ليعلم الناس دينهم إشارة إلى هذه الزيادة فما تفرد الا بالتصريح واسناد التعليم إلى جبريل مجازى لأنه كان السبب في الجواب فلذلك أمر بالأخذ عنه واتفقت هذه الروايات على أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الصحابة بشأنه بعد ان التمسوه فلم يجدوه وأما ما وقع عند مسلم وغيره من حديث عمر في رواية كهمس ثم انطلق قال عمر فلبثت مليا ثم قال يا عمر أتدرى من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه جبريل فقد جمع بين الروايتين بعض الشراح بان قوله فلبثت مليا أي زمانا بعد انصرافه فكان النبي صلى الله عليه وسلم أعلمهم بذلك بعد مضى وقت لكنه في ذلك المجلس لكن يعكر على هذا الجمع قوله في رواية النسائي والترمذي فلبثت ثلاثا لكن ادعى بعضهم فيها التصحيف وان مليا صغرت ميمها فأشبهت ثلاثا لأنها تكتب بلا ألف وهذه الدعوى مردودة فان في رواية أبى عوانة فلبثنا ليالي فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث ولابن حبان بعد ثالثة ولابن منده بعد
(١١٥)