من صدق بجميع ما ذكر وقد اكتفى الفقهاء باطلاق الايمان على من آمن بالله ورسوله ولا اختلاف لان الايمان برسول الله المراد به الايمان بوجوده وبما جاء به عن ربه فيدخل جميع ما ذكر تحت ذلك والله أعلم (قوله أن تعبد الله) قال النووي يحتمل ان يكون المراد بالعبادة معرفة الله فيكون عطف الصلاة وغيرها عليها لادخالها في الاسلام ويحتمل أن يكون المراد بالعبادة الطاعة مطلقا فيدخل فيه جميع الوظائف فعلى هذا يكون عطف الصلاة وغيرها من عطف الخاص على العام (قلت) أما الاحتمال الأول فبعيد لان المعرفة من متعلقات الايمان وأما الاسلام فهو أعمال قولية وبدنية وقد عبر في حديث عمر هنا بقوله ان تشهد أن لا إله إلا الله وان محمد رسول الله فدل على أن المراد بالعبادة في حديث الباب النطق بالشهادتين وبهذا تبين دفع الاحتمال الثاني ولما عبر الراوي بالعبادة احتاج أن يوضحها بقوله ولا تشرك به شيئا ولم يحتج إليها في رواية عمر لاستلزامها ذلك فان قيل السؤال عام لأنه سأل عن ماهية الاسلام والجواب خاص لقوله أن تعبد أو تشهد وكذا قال في الايمان أن تؤمن وفى الاحسان ان تعبد والجواب أن ذلك لنكتة الفرق بين المصدر وبين أن والفعل لان أن تفعل تدل على الاستقبال والمصدر لا يدل على زمان على أن بعض الرواة أورده هنا بصيغة المصدر ففي رواية عثمان بن غياث قال شهادة ان لا إله إلا الله وكذا في حديث أنس وليس المراد بمخاطبته بالافراد اختصاصه بذلك بل المراد تعليم السامعين الحكم في حقهم وحق من أشبههم من المكلفين وقد تبين ذلك بقوله في آخره يعلم الناس دينهم فان قيل لم لم يذكر الحج أجاب بعضهم باحتمال أنه لم يكن فرض وهو مردود بما رواه ابن منده في كتاب الايمان باسناده الذي على شرط مسلم من طريق سليمان التيمي في حديث عمر أوله أن رجلا في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث بطوله وآخر عمره يحتمل أن يكون بعد حجة الوداع فإنها آخر سفراته ثم بعد قدومه بقليل دون ثلاثة أشهر مات وكأنه انما جاء بعد انزال جميع الأحكام لتقرير أمور الدين التي بلغها متفرقة في مجلس واحد لتنضبط ويستنبط منه جواز سؤال العالم ما لا يجهله السائل ليعلمه السامع وأما الحج فقد ذكر لكن بعض الرواة اما ذهل عنه واما نسيه والدليل على ذلك اختلافهم في ذكر بعض الأعمال دون بعض ففي رواية كهمس وتحج البيت ان استطعت إليه سبيلا وكذا في حديث أنس وفى رواية عطاء الخراساني لم يذكر الصوم وفى حديث أبي عامر ذكر الصلاة والزكاة حسب ولم يذكر في حديث ابن عباس مزيدا على الشهادتين وذكر سليمان التيمي في روايته الجميع وزاد بعد قوله وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتمم الوضوء وقال مطر الوراق في روايته وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة قال فذكر عرى الاسلام فتبين ما قلناه ان بعض الرواة ضبط ما لم يضبطه غيره (قوله وتقيم الصلاة) زاد مسلم المكتوبة أي المفروضة وانما عبر بالمكتوبة للتفنن في العبارة فإنه عبر في الزكاة بالمفروضة ولاتباع قوله تعالى ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا (قوله وتصوم رمضان) استدل به على قول رمضان من غير إضافة شهر إليه وستأتى المسئلة في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى (قوله الاحسان) هو مصدر تقول أحسن يحسن احسانا ويتعدى بنفسه وبغيره تقول أحسنت كذا إذا أتقنته وأحسنت إلى فلان إذا أوصلت إليه النفع والأول هو المراد لان المقصود اتقان العبادة وقد يلحظ الثاني بأن المخلص مثلا
(١١٠)