عن الندب وتميز العبادة عن العادة كالصوم عن الحمية (قوله والوضوء) أشار به إلى خلاف من لم يشترط في النية كما نقل عن الأوزاعي وأبي حنيفة وغيرهما وحجتهم انه ليس عبادة مستقلة بل وسيلة إلى عبادة كالصلاة ونوقضوا بالتيمم فإنه وسيلة وقد اشترط الحنفية فيه النية واستدل الجمهور على اشتراط النية في الوضوء بالأدلة الصحيحة المصرحة بوعد الثواب عليه فلا بد من قصد يميزه عن غيره ليحصل الثواب الموعود وأما الصلاة فلم يختلف في اشتراط النية فيها وأما الزكاة فإنما تسقط بأخذ السلطان ولو لم ينو صاحب المال لان السلطان قائم مقامه وأما الحج فإنما ينصرف إلى فرض من حج عن غيره لدليل خاص وهو حديث ابن عباس في قصة شبرمة وأما الصوم فأشار به إلى خلاف من زعم أن صيام رمضان لا يحتاج إلى نية لأنه متميز بنفسه كما نقل عن زفر وقدم المصنف الحج على الصوم تمسكا بما ورد عنده في حديث بنى الاسلام وقد تقدم (قوله والاحكام) أي المعاملات التي يدخل فيها الاحتياج إلى المحاكمات فيشمل البيوع والأنكحة والأقارير وغيرها وكل صورة لم يشترط فيها النية فذاك لدليل خاص وقد ذكر ابن المنير ضابطا لما يشترط فيه النية مما لا يشترط فقال كل عمل لا تظهر له فائدة عاجلة بل المقصود به طلب الثواب فالنية مشترطة فيه وكل عمل ظهرت فائدته ناجزة وتعاطته الطبيعة قبل الشريعة لملايمة بينهما فلا تشترط النية فيه الا لمن قصد بفعله معنى آخر يترتب عليه الثواب قال وانما اختلف العلماء في بعض الصور من جهة تحقيق مناط التفرقة قال وأما ما كان من المعاني المحضة كالخوف والرجاء فهذا لا يقال باشتراط النية فيه لأنه لا يمكن أن يقع الا منويا ومتى فرضت النية مفقودة فيه استحالت حقيقته فالنية فيه شرط عقلي ولذلك لا تشترط النية للنية فرارا من التسلسل وأما الأقوال فتحتاج إلى النية في ثلاثة مواطن أحدها التقرب إلى الله فرارا من الرياء والثاني التمييز بين الألفاظ المحتملة لغير المقصود والثالث قصد الانشاء ليخرج سبق اللسان (قوله وقال الله) قال الكرماني الظاهر أنها جملة حالية لا عطف أي والحال أن الله قال ويحتمل أن تكون للمصاحبة أي مع أن الله قال (قوله على نيته) تفسير منه لقوله على شاكته بحذف أداة التفسير وتفسير الشاكلة بالنية صح عن الحسن البصري ومعاوية بن قرة المزنى وقتادة أخرجه عبد بن حميد والطبري عنهم وعن مجاهد قال الشاكلة الطريقة أو الناحية وهذا قول الأكثر وقيل الدين وكلها متقاربة (قوله ولكن جهاد ونية) هو طرف من حديث لابن عباس أوله لا هجرة بعد الفتح وقد وصله المؤلف في الجهاد وغيره من طريق طاوس عنه وسيأتى (قوله الأعمال بالنية) كذا أورده من رواية مالك بحذف انما من أوله وقد رواه مسلم عن القعنبي وهو عبد الله بن مسلمة المذكور هنا باثباتها وتقدم الكلام على نكت من هذا الحديث أو الكتاب (قوله عبد الله بن زيد) هو الخطمي بفتح المعجمة وسكون الطاء المهملة وهو صحابي انصارى روى عن صحابي انصارى وسيأتى ذكر أبى مسعود المذكور في باب من شهد بدرا من المغازي ويأتي الكلام على حديثه في كتاب النفقات إن شاء الله تعالى والمقصود منه في هذا الباب قوله يحتسبها قال القرطبي أفاد منطوقه أن الاجر في الانفاق انما يحصل بقصد القربة سواء كانت واجبة أو مباحة وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لم يؤجر لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة لأنها معقولة المعنى وأطلق الصدقة على النفقة مجازا والمراد بها الاجر
(١٢٦)