عنها ما نافية وزاد في رواية أبى فروة فنكس فلم يجبه ثم أعاد فلم يجبه ثلاثا ثم رفع رأسه فقال ما المسؤول (قوله بأعلم) الباء زائدة لتأكيد النفي وهذا إن كان مشعرا بالتساوي في العلم لكن المراد التساوي في العلم بان الله تعالى استأثر بعلمها لقوله بعد خمس لا يعلمها الا الله وسيأتي نظير هذا التركيب في أواخر الكلام على هذا الحديث في قوله ما كنت بأعلم به من رجل منكم فان المراد أيضا التساوي في عدم العلم به وفى حديث ابن عباس هنا فقال سبحان الله خمس من الغيب لا يعلمهن الا الله ثم تلا الآية قال النووي يستنبط منه ان العالم إذا سئل عما لا يعلم يصرح بأنه لا يعلمه ولا يكون في ذلك نقص من مرتبته بل يكون ذلك دليلا على مزيد ورعه وقال القرطبي مقصود هذا السؤال كف السامعين عن السؤال عن وقت الساعة لانهم كانوا قد أكثروا السؤال عنها كما ورد في كثير من الآيات والأحاديث فلما حصل الجواب بما ذكر هنا حصل الياس من معرفتها بخلاف الأسئلة الماضية فان المراد بها استخراج الأجوبة ليتعلمها السامعون ويعملوا بها ونبه بهذه الأسئلة على تفصيل ما يمكن معرفته مما لا يمكن (قوله من السائل) عدل عن قوله لست بأعلم بها منك إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين أي ان كل مسؤول وكل سائل فهو كذلك (فائدة) هذا السؤال والجواب وقع بين عيسى بن مريم وجبريل لكن كان عيسى سائلا وجبريل مسؤلا قال الحميدي في نوادره حدثنا سفيان حدثنا مالك بن مغول عن إسماعيل بن رجاء عن الشعبي قال سال عيسى بن مريم جبريل عن الساعة قال فانتفض بأجنحته وقال ما المسؤول عنها بأعلم من السائل (قوله وسأخبرك عن أشراطها) وفى التفسير ولكن سأحدثك وفى رواية أبى فروة ولكن لها علامات تعرف بها وفى رواية كهمس قال فأخبرني عن امارتها فأخبره بها فترددنا فحصل التردد هل ابتدأه بذكر الامارات أو السائل سأله عن الامارات ويجمع بينهما بأنه ابتدأ بقوله وسأخبرك فقال له السائل فأخبرني ويدل على ذلك رواية سليمان التيمي ولفظها ولكن ان شئت نبأتك عن أشراطها قال أجل ونحوه في حديث ابن عباس وزاد فحدثني وقد حصل تفسير الاشراط من الرواية الأخرى وانها العلامات وهى بفتح الهمزة جمع شرط بفتحتين كقلم وأقلام ويستفاد من اختلاف الروايات أن التحديث والاخبار والأنباء بمعنى واحد وانما غاير بينها أهل الحديث اصطلاحا قال القرطبي علامات الساعة على قسمين ما يكون من نوع المعتاد أو غيره والمذكور هنا الأول وأما الغير مثل طلوع الشمس من مغربها فتلك مقاربة لها أو مضايقة والمراد هنا العلامات السابقة على ذلك والله أعلم (قوله إذا ولدت) التعبير بإذا للاشعار بتحقق الوقوع ووقعت هذه الجملة بيانا للاشراط نظرا إلى المعنى والتقدير ولادة الأمة وتطاول الرعاة فان قيل الاشراط جمع وأقله ثلاثة على الأصح والمذكور هنا اثنان أجاب الكرماني بأنه قد تستفرض القلة للكثرة وبالعكس أو لان الفرق بالقلة والكثرة انما هو في النكرات لا في المعارف أو لفقد جمع الكثرة للفظ الشرط وفى جميع هذه الأجوبة نظر ولو أجيب بان هذا دليل القول الصائر إلى أن أقل الجمع اثنان لما بعد عن الصواب والجواب المرضى ان المذكور من الاشراط ثلاثة وانما بعض الرواة اقتصر على اثنين منها لأنه هنا ذكر الولادة والتطاول وفى التفسير ذكر الولادة وتراؤس الحفاة وفى رواية محمد بن بشر التي أخرج مسلم اسنادها وساق ابن خزيمة لفظها عن أبي حيان ذكر الثلاثة وكذا في مستخرج الإسماعيلي من طريق ابن علية وكذا ذكرها عمارة بن القعقاع ووقع
(١١٢)