من الناس بالنسبة إلى بعض المعاصي كالزنا بالأم واللواط بالولد ونحو ذلك وإن كانت مراتبهم في ذلك ونحوه متفاوتة، فمنهم من له ملكة في البعض ومنهم من له ملكة في الجميع، فلا يمكن حينئذ للانسان أنه يعلم عدالة شخص حتى يعلم أنه له ملكة يعسر عليه مخالفة مقتضاها بالنسبة إلى جميع المعاصي، ولا يكون ذلك إلا باختبار الباطني وتتبع الآثار حتى تطمئن نفسه بحصولها في الجميع، كما في الحكم بسائر الملكات من الكرم والشجاعة ونحوهما، وربما ادعى بعضهم أنه يمكن رد كلام أكثر المتقدمين إلى ذلك، كما أنه حمل الأخبار على إرادة تتبع الآثار المطلعة على الملكة، سيما صحيحة ابن أبي يعفور، فإن هذه الأشياء المذكورة فيها غالبا توصل إلى اطمئنان النفس بالملكة.
لكنه كما ترى في غاية الضعف، بل عليه لا يمكن الحكم بعدالة شخص أبدا إلا في مثل المقدس الأردبيلي والسيد هاشم على ما ينقل من أحوالهما، بل ولا فيهما، فإنه أي نفس تطمئن بأنهما كان يعسر عليهما كل معصية ظاهرة وباطنة، كلا إن ذلك لبهتان وافتراء، بل الانسان من نفسه لا يعرف كثيرا من ذلك، ومن العجيب تنزيل صحيحة ابن أبي يعفور على الاطمئنان في حصول الملكة في جميع المعاصي بواسطة اجتناب المذكور فيها منها التي هي بالنسبة إليه في جنب العدم، وكيف يعرف الشخص ببعض أحواله، مع أنا نرى بالعيان تفاوت الناس أجمع في ذلك، فكم من شخص تراه في غاية الورع متى قهر بشئ أخذ يحتال ويرتكب ما لا يرتكبه غيره من المحرمات في قهر من قهره، كما نرى ذلك كثيرا في أهل الأنفة والأنفس الأبية، وآخر متى أصابه ذل ولو حقيرا ارتكب من الأمور العظيمة التي تستقر بها نفسه ما لا يفعله أعظم الفساق، بل أغلب الناس كذلك وإن كانت أحوالهم فيه مختلفة، فمنهم بالنسبة إلى ماله، ومنهم بالنسبة إلى عرضه، ومنهم بالنسبة إلى أتباعه وأصحابه، فدعوى أنه بمجرد الخلطة على جملة من أحواله يحصل الجزم والاطمئنان بأنه في سائر المعاصي ظاهرها وباطنها ما عرض