كما توهم من أن الفسوق باطنا يقدح في قبول شهادته ظاهرا، على أنه معارض بما سيأتي؛ هذا.
وربما يتمسك لهذا القول بأمثال مرسلة يونس (1)، وخبر عبد الرحيم القصير (2)، و مرسلة ابن أبي عمير (3)، وخبر عمر بن يزيد (4)، ومصححة عبد الله بن مغيرة (5)، وحسنة البزنطي (6)، وما ورد في شهادة اللاعب بالحمام (7)، وما خاطب به علي (عليه السلام) شريحا (8)، و صحيحة أبي بصير. (9) وفي الكل نظر إما سندا أو دلالة، بل بعض منها يدل على خلاف ما زعم وضده، كمرسلة يونس ورواية عمر بن يزيد ورواية عبد الله بن المغيرة وحسنة البزنطي.
وأما قضية نفي العسر والحرج، ففيه: أنه يلزم على أكثر الأمور الثابتة شرعا، فلو اقتضى العمل بمقتضاه مطلقا، لكاد أن يسقط التكاليف غالبا، بل وجميعا، وهو مما لا يرتضي به عاقل.
وبالجملة، فهذا القول في غاية الندرة والشذوذ، بل يمكن ادعاء الشهرة على خلافه، بل والإجماع المنقول عليه، بل والمحصل، بشهادة التسامع وتظافر الأخبار بعدم اجتراء أهل الإسلام سلفهم وخلفهم على محض ظهور الإسلام وعدم ظهور الفسق، وافتقارهم إلى التثبت والتبين في أمثال ذلك، فلا ريب في أن الاكتفاء على ما مر تفريط وإضاعة لحقوق الأرامل والأيتام، وإخلال في نظام الأنام، والله العالم بحقائق الأحكام.