الكتاب إلا ما أفتي به، وأحكم بصحته، وهو حجة بيني وبين ربي.
وقال ثقة الإسلام الكليني في أول الكافي (1) ما قال، وحاصله: أن الغرض من التأليف إنما هو هداية الناس، ورفع التحير عن السائل، ولا يكون [ذلك] إلا بالروايات المقطوعة. (2) وكذا شيخ الطائفة قال في العدة: إن ما عملت به [من] الأخبار فهو صحيح.
وفيه: مضافا إلى ما سيجيئ [في] الجواب عن هذا الوجه السادس - وهو عمدة الوجوه التي ذكرها الحر العاملي والشيخ يوسف البحراني - من [أن ما] أفتوا به من صحة الأخبار غير شهادتهم بصحتها؛ أنها شكوك محضة، وشبهات في مقابلة البداهة، يلزم من صحتها عدم صحتها، كما في مقبولة عمر بن حنظلة التي رواها المشايخ الثلاثة في كتبهم الأربعة، وهي تدل - بظاهرها - على أن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأورعهما وأصدقهما.
فالأخباريون إما يقولون بقطعية هذه المقبولة، أو بظنيتها، فإن قالوا بالأول؛ فهو عين اعترافهم بلزوم الاحتياج إلى معرفة هذه الأوصاف، سواء كان من كتاب النجاشي أو الكشي أو غيرهما، فثبت كون علم الرجال مما يحتاج إليه في معرفة أحوال الرواة.
وإن قالوا بالثاني؛ فهو عدول عما بنوا الأمر عليه من قطعية الأخبار، وعدم الحاجة إلى علم الرجال.
على أن مقابل قول الأصدق منهما قول الصادق، والصدق معناه: ما هو مطابق للواقع، فإذا كان قول أحد المتعارضين مطابقا للواقع - وبعد فرض اعتبار قوله قطعيا لا يبقى للعامل تكليف حتى في مقابل قوله - لزم اختيار قول الأصدق، وكذا الكلام في العادل والأعدل، فتبصر.
فلازم القول بقطعية صدور المقبولة [أنه] لا معنى لترجيح الأصدق بعد وجود