مسلم. هذا مع اتفاق العلماء على أن البخاري كان أجل من مسلم في العلوم وأعرف منه بصناعة الحديث، وأن مسلما تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره، حتى قال الدارقطني: " لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء ". (1) هذا، وأنت خبير بأن مقصودهم مما انتقد على البخاري ومسلم هو ما ضعف من الأحاديث التي في كتابيهما، قيل: إن الأحاديث التي انتقدت عليهما بلغت مائتي حديث وعشرة أحاديث، اختص البخاري منها بثمانية وسبعين حديثا، واثنان و سبعون مشترك، والباقي من ذلك مختص بمسلم. (2) ثم اعلم أنهم قد ذكروا أيضا أن مسلما اختص بجمع طرق الحديث في مكان، و لم يستوعبا الصحيح ولا التزماه، قيل: ولم يفتهما منه إلا قليل، وأنكر هذا.
والصواب أنه لم يفت الأصول الخمسة إلا اليسير، أعني الصحيحين، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي.
وجملة ما في البخاري سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثا بالمكررة، وبحذف المكرر أربعة آلاف، ومسلم بإسقاط المكرر نحو أربعة آلاف. ثم إن الزيادة في الصحيح تعرف من السنن المعتمدة كسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن خزيمة، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وغيرها ولا يكفي وجوده [فيها إلا في كتاب من شرط الاقتصار على الصحيح واعتنى الحاكم بضبط] (3) الزائد عليهما وهو متساهل، فما صححه ولم نجد فيه لغيره من المعتمدين تصحيحا ولا تضعيفا حكمنا بأنه حسن إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه، ويقاربه في حكمه صحيح أبي حاتم بن حبان ". (4) وقيل أيضا: إنه قال البخاري: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح بحال الطول، وقال مسلم: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا - يعني