المتأخرة فإنه لو توقف العمل فيها على الرواية لا نسد باب العمل بالمنقول لتعذر شرط الرواية فيها على ما تقدم في النوع الأول والله أعلم النوع الخامس والعشرون في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده اختلف الصدر الأول رضي الله عنهم في كتابة الحديث فمنهم من كره كتابة الحديث والعلم وأمروا بحفظه ومنهم من أجاز ذلك وممن روينا عنه كراهة ذلك عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو سعيد الخدري في جماعة آخرين من الصحابة والتابعين وروينا عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تكتبوا عني شيئا الا القرآن ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه أخرجه مسلم في صحيحه وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعله علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين ومن صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على جواز ذلك حديث أبي شاه اليمني في التماسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له شيئا سمعه من خطبته عام فتح مكة وقوله صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه ولعله صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان ونهى عن الكتابة عنه من وثق بحفظه مخافة الاتكال على الكتاب أو نهى عن كتابة ذلك حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن العظيم وأذن في كتابته حين أمن من ذلك وأخبرنا أبو الفتح بن عبد المنعم الفراوي قراءة عليه بنيسابور جبرها الله أخبرنا أبو المعالي الفارسي أخبرنا الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو عمرو بن السماك ثنا حنبل بن إسحاق ثنا سليمان بن أحمد ثنا الوليد هو بن مسلم قال كان الأوزاعي يقول كان هذا العلم كريما يتلاقاه الرجال بينهم فلما دخل في الكتب دخل فيه غير أهله ثم إنه زال ذلك الخلاف وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك وإباحته ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة والله أعلم
(١١٩)