من فوائده زيادة الضبط، وقلما يسلم عن خلل في التسلسل. (1) هذا، ولا يخفى عليك أن المقصود من ذلك أن التسلسل ليس مما له مدخل في قبول الرواية وعدمه، وإنما هو فن من فنون الضبط وضرب من ضروب المحافظة، ففيه فضل الحديث من حيث الاشتمال عن مزيد ضبط للرواة، وأفضل ذلك ما فيه دلالة على اتصال الأسماء.
ثم المسلسلات قل ما يسلم منها ممن طعن في وصف تسلسله لا في أصل متنه أو في رجال طريقه.
ثم اعلم أنه قيل: وقد يقع التسلسل في معظم الإسناد كالحديث المسلسل بالأولية فإن السلسلة تنتهى فيه إلى سفيان بن عيينة فقط، ومن رواه مسلسلا إلى منتهاه فقد وهم. وقيل: أيضا وقد ينقطع تسلسله في وسط كمسلسل أول حديث سمعته على ما هو الصحيح فيه، وقيل: أيضا وقد ينقطع التسلسل في آخره كالمسلسل بالأولية على الصواب؛ فإنه منقطع التسلسل عن سفيان بن عيينة، ومن رفع تسلسله بعد فقد غلط، وقيل: بأول حديث سمعته منقطع وصف التسلسل في الوسط فإنه ينتهي إلى سفيان بن عيينة ولا يتعداه وغلط من رواه مسلسلا إلى منتهاه.
ولا يخفى عليك أن قول سفيان: " حدثني شيخي، وهو أول حديث سمعته منه " إلى قول: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الراحمون يرحمهم الرحمن؛ وبعده عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " الراحمون يرحمهم الرحمن " (2). (3) وقال بعض الأجلة منا - في مقام تصحيح هذا الغلط أي في مقام عده من المستقبحات وإخراجه عن تحت الأغلاط والأوهام -: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس هو منتهى الإسناد بمعنى الطبقة الأخيرة من السند حتى لا يصح ما قاله ذلك البعض، بل