____________________
اقتباس آخر من كلامه عز شأنه وهو استيناف ببيان كمال جلاله وجبروته وعزة سلطانه في ملكه وملكوته بحيث ليس لأحد من مخلوقاته أن يسأله عما يفعل من أفعاله مع ما قد ثبت بالدليل وصح بالبرهان عند جميع العقول من عدله وحكمته فهو لا يفعل إلا الحكمة والصواب وما فيه الخير والرشاد، فوجب السكوت عن السؤال للقطع بانتفاء القبح عن جميع ما يفعله من الأفعال في جميع الأحوال وليس كذلك من سواه فإنهم عباد مملوكون وخلق مستعبدون يقع منهم الحسن والقبيح ويصدر منهم الخطأ والصواب، فهم جديرون أن يسألهم مالكهم الذي لا يجوز لهم أن يسألوه ويقول لهم لم فعلتم في كل شيء فعلوه فهو لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون (1).
وأعلم أن المسلمين أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقال لله سبحانه لم فعلت، ولكنهم اختلفوا في عدم جواز السؤال لأي سبب.
فذهبت الأشاعرة إلى أن أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض والمصالح وله بحكم المالكية أن يفعل في مخلوقاته ما يشاء، فان من تصرف في ملك نفسه لا يقال لم فعلت، وكيف يتصور في حقه استحقاق ذم؟ واستحقاق المدح ثابت له وما يثبت للشيء لذاته يستحيل أن يتبدل لأجل تبدل الصفات وكما أن ذاته غير معللة بشيء فكذلك صفاته وأفعاله، وإنه غير محتاج إلى الأسباب والوسايط والأغراض والمقاصد، ورد بأن نفي الغرض يستلزم العبث ولا يلزم عوده إليه حتى يكون مستكملا (2) به.
وقالت الإمامية والمعتزلة: إنه تعالى عالم بقبح القبائح غني عن فعلها، والقبيح لا يصدر إلا من جاهل بقبحه أو محتاج إلى فعله، فلما كان تعالى عالما بما
وأعلم أن المسلمين أجمعوا على أنه لا يجوز أن يقال لله سبحانه لم فعلت، ولكنهم اختلفوا في عدم جواز السؤال لأي سبب.
فذهبت الأشاعرة إلى أن أفعاله تعالى لا تعلل بالأغراض والمصالح وله بحكم المالكية أن يفعل في مخلوقاته ما يشاء، فان من تصرف في ملك نفسه لا يقال لم فعلت، وكيف يتصور في حقه استحقاق ذم؟ واستحقاق المدح ثابت له وما يثبت للشيء لذاته يستحيل أن يتبدل لأجل تبدل الصفات وكما أن ذاته غير معللة بشيء فكذلك صفاته وأفعاله، وإنه غير محتاج إلى الأسباب والوسايط والأغراض والمقاصد، ورد بأن نفي الغرض يستلزم العبث ولا يلزم عوده إليه حتى يكون مستكملا (2) به.
وقالت الإمامية والمعتزلة: إنه تعالى عالم بقبح القبائح غني عن فعلها، والقبيح لا يصدر إلا من جاهل بقبحه أو محتاج إلى فعله، فلما كان تعالى عالما بما