رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ١٥٨

____________________
وقيل: أي جعل قلبك متصفا بأخلاق القرآن ومتأدبا بآدابه كما في حديث عائشة كان خلقه القرآن (1)، (2)، انتهى.
وهو صرف لظاهر الآية، وهو خلاف الظاهر.
ويؤيد ما اخترناه أيضا ما قاله القاضي في تفسير آية الشعراء المذكورة، والقلب: إن أراد به الروح فذاك، وإن أراد به العضو المخصوص فتخصيصه لأن المعاني الروحانية إنما تنزل أولا على الروح ثم تنتقل منه إلى القلب لما بينهما من التعلق ثم تصعد منه إلى الدماغ فينتقش بها لوح المخيلة (3)، انتهى.
واعلم أن ما اخترناه ليس مخالفا في الحقيقة لقول أكثر الأمة بل هو قول بما قالوه مع زيادة لم يصرحوا بها، انتهى كلام الجد قدس الله سره، وضاعف يوم الجزاء بره.
وقد وافقه على هذا التحقيق بعض المتألهين من علمائنا المتأخرين وهو مولانا صدر الدين الشيرازي (4) قدس الله سره فقال في معنى مشاهدة الرسول لجبرئيل وسماع كلامه بسمعه الحسي: إن المعرفة العقلية إذا قويت واشتدت تصورت

(١) يمكن أن يكون المراد من الحديث خلقه (صلى الله عليه وآله) كالقرآن في الاعجاز كما يقال: جوده بحر زخار، وحبه نار محرق، وأمثالهما، وبالجملة تشبيه الصفة بالذات وحمل المشبه به على المشبه غير عزيز في فصيح الكلام.
(٢) احياء علوم الدين للغزالي: ج ٢، ص ٣٥٨.
(٣) أنوار التنزيل للبيضاوي: ج ٢، ص ١٦٦.
(٤) هو محمد بن إبراهيم الشيرازي الحكيم المتأله المعروف بملاصدرا مجدد الفلسفة الإسلامية. له مؤلفات كثيرة جلها في الفلسفة منها: الأسفار الأربعة، وشرح الهداية، وشرح حكمة الاشراق، ورسالة في حدوث العالم، والواردات القلبية، والحكمة العرشية، والمشاعر، وشرح الكافي، وتفسير عدة من السور القرآنية، وغيرها. توفي في البصرة وهو متوجه إلى الحج سنة (١٠٥٠) هجرية، ودفن فيها.
الكنى والألقاب: ج ٢، ص 372.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست