باتفاق الأصحاب (أما) الأول فللأحاديث الصحيحة في ذلك ولان الحاجة تدعوا إليه لجهالة العمل فتؤخر الأجرة حتى يعرف عمله فيعطي بقدره (وأما الثاني) فهو القياس والأصل ولا شك في جوازه قال أصحابنا وإذا سمي له شيئا فان شاء سماه إجارة وان شاء جعالة ولا يسمي أكثر من أجرة المثل فان زاد فوجهان حكاهما جماعة منهم الدارمي (أصحهما) تفسد التسمية وله أجرة المثل من الزكاة (والثاني) لا تفسد بل يكون قدر أجرة المثل من الزكاة والباقي يجب في مال الإمام لأنه صحيح العبارة والالتزام * قال المصنف رحمه الله * (ويبعث لما سوى زكاة الزروع والثمار في المحرم لما روى عن عثمان رضي الله عنه أنه قال في المحرم (هذا شهر زكاتكم) ولأنه أول السنة فكان البعث فيه أولى والمستحب للساعي ان يعد الماشية على الماء إن كانت ترد الماء وفي أفنيتهم ان لم ترد الماء لما روى عبد الله بن عمر وبن العاص رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (تؤخذ صدقات المسلمين عند مياههم أو عند أفنيتهم) فان اخبره صاحب المال بالعدد وهو ثقة قبل منه وان بذل له الزكاة اخذها ويستحب ان يدعوا له لقوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم) والمستحب أن يقول اللهم صل على آل فلان لما روى عبد الله بن أبي أوفى قال (جاء أبى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة ماله فقال اللهم صل على آل أبي أوفى) وبأي شئ دعا جاز قال الشافعي رضي الله عنه أحب أن يقول (آجرك الله فيما أعطيت وجعله لك طهورا وبارك لك فيما أبقيت) وان ترك الدعاء جاز لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ (اعلمهم ان عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم ولم يأمره بالدعاء)) * (الشرح) حديث عثمان سبق قريبا وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أبو داود والبيهقي وغيرهما وهذا لفظ رواية البيهقي (واما) لفظ رواية أبي داود ففيها (لا تؤخذ صدقاتهم الا في دورهم) (وقوله في رواية الكتاب عند مياههم أو عند أفنيتهم) قال البيهقي هو شك من أبى داود الطيالسي أحد الرواة ورواه البيهقي أيضا من رواية عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وبأفنيتهم) ويحتمل ان أوفى رواية الكتاب ليست للشك كما قاله البيهقي بل للتقسيم كما هو مقتضي حديث عائشة ومعناه إن كانت ترد الماء فعلى إناء والا فعند دورهم * (واما) حديث ابن أبي أوفى فرواه البخاري ومسلم وحديث معاذ رواه البخاري ومسلم أيضا من رواية ابن عباس ومن رواية معاذ (وقوله) أفنيتهم جمع فناء - بكسر الفاء
(١٦٩)