{فرع} قال أصحابنا: شروط صحة الصوم أربعة النقاء عن الحيض والنفاس والاسلام والتمييز والوقت القابل للصوم وسيأتي تفصيلها في مواضعها إن شاء الله تعالى والله أعلم * قال المصنف رحمه الله تعالى * {ومن زال عقله بجنون لا يجب عليه لقوله صلى الله عليه وسلم " وعن المجنون حتى يفيق " فان أفاق لم يجب عليه قضاء ما فاته في الجنون لأنه صوم فات في حال سقط فيه التكليف لنقص فلم يجب كما لو فات في حال الصغر وان زال عقله بالاغماء لم يجب عليه في الحال لأنه لا يصح منه فان افاق وجب عليه القضاء لقوله تعالي (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) والاغماء مرض ويخالف الجنون فإنه نقص ولهذا لا يجوز الجنون على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ويجوز عليهم الاغماء} * {الشرح} هذا الحديث سبق بيانه قريبا (وقوله) سقط فيه التكليف لنقص احتراز من الاغماء والحيض (أما) الأحكام ففيه مسألتان (إحداهما) المجنون لا يلزمه الصوم في الحال بالاجماع للحديث وللاجماع وإذا أفاق لا يلزمه قضاء ما فاته في الجنون سواء قل أو كثر وسواء أفاق بعد رمضان أو في أثنائه هذا هو المذهب والمنصوص وبه قطع المصنف والجمهور وفيه وجه شاذ أنه يلزمه مطلقا حكاه الماوردي وابن الصباغ وآخرون عن ابن سريج قال الماوردي هذا مذهب لابن سريج وليس بصحيح قال ومذهب الشافعي وأبي حنيفة وسائر الفقهاء أنه لا يلزمه القضاء وحكاه صاحب البيان عن ابن سريج ثم قال وقيل لا يصح عنه وفيه وجه ثالث وهو مذهب أبي حنيفة والثوري أنه إن أفاق في أثناء الشهر لزمه قضاء ما فاته وإن أفاق بعده فلا قضاء قال صاحب البيان قال ابن سريج وقد حكى المزني في المنثور هذا عن الشافعي قال ولا يصح عنه قال صاحب البيان وهذا يدل على بطلان الحكاية عن ابن سريج فيمن أفاق بعد الشهر أنه يلزمه القضاء فحصل ثلاثة أوجه (المذهب) أنه لا قضاء عليه (والثاني) يجب إن أفاق في الشهر لا بعده ودليل المذهب في الكتاب وحكاها الرافعي ثلاثة أقوال قال وهذا في الجنون المنفرد فلو ارتد ثم جن أو سكر ثم جن ففي وجوب القضاء وجهين قال ولعل الأصح الفرق بين اتصاله بالردة واتصاله بالسكر كما سبق في الصلاة وهذا الذي أشار إلى تصحيحه هو الأصح فيجب في المرتد قضاء الجميع ولا يجب في السكران الا قضاء أيام السكر لان حكم الردة مستمر بخلاف السكر (المسألة الثانية) المغمى عليه لا يلزمه الصوم في حال الاغماء بلا خلاف ولنا قول مخرج وهو مذهب المزني أنه يصح صوم المغمى عليه وعلى هذا القول لا يلزمه
(٢٥٤)