(الشرح) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم من رواية عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وسبق بيانه في أول باب نية الوضوء وسبق هناك بيان الاحتراز بقوله عبادة محضة وإنما قاس على الصلاة للرد على الأوزاعي فإنه قال لا تفتقر الزكاة إلى نية ووافق على افتقار الصلاة إلى النية وهذا القياس الذي ذكره المصنف ينتقض بالعتق والوقف والوصية (وقوله) وفى وقت النية وجهان (أحدهما) يجب أن ينوى في حال الدفع لأنها عبادة يدخل فيهما بفعله فوجبت النية في ابتدائها كالصلاة فقوله بفعله احتراز من الصوم وفى الفصل مسائل (إحداها) لا يصح أداء الزكاة الا بالنية في الجملة وهذا لا خلاف فيه عندنا وإنما الخلاف في صفة النية وتفريعها وبوجوبها قال مالك وأبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وداود وجماهير العلماء وشذ عنهم الأوزاعي فقال لا تجب ويصح أداؤها بلا نية كأداء الديون ودليلنا ما ذكره المصنف وتخالف الدين فان الزكاة عبادة محضة كالصلاة وأجاب القاضي أبو الطيب في تعليقه بأن حقوق الآدمي لما لم يفتقر المتعلق منها بالبدن كالقصاص وحد القذف إلى نية لم يفتقر المتعلق بالمال وحقوق الله تعالى المتعلقة بالبدن إلى النية فكذا المتعلقة بالمال وأجاب صاحب الشامل والتتمة بأن الدين ليس عبادة وإن كان فيه حق لله تعالي وبهذا يسقط باسقاط صاحبه فالمغلب فيه حقه قال أصحابنا فان نوى بقلبه دون لفظ لسانه أجزأه بلا خلاف وان لفظ بلسانه ولم ينو بقلبه ففيه طريقان (أحدهما) لا يجزئه وجها واحدا وبه قطع العراقيون والسرخسي وغيره من الخراسانيين (والطريق الثاني) فيه وجهان (أحدهما) يكفيه اللفظ باللسان دون نية القلب (والثاني) لا يكفيه ويتعين القلب وهذا الطريق مشهور في كتب الخراسانيين ذكره الصيدلاني والفوراني وامام الحرمين والغزالي والبغوي وآخرون قال الرافعي وهو الأشهر قال ومنهم من حكى هذا الخلاف قولين واتفق القائلون بهذا الطريق على أن الأصح اشتراط نية القلب وممن قال بالاكتفاء باللسان القفال ونقله الصيدلاني وامام الحرمين والغزالي قولا للشافعي وأشار القاضي أبو الطيب في كتابه المجرد إلى هذا فقال قال الشافعي في الام سواء نوى في نفسه أو تكلم فإنما أعطى فرض مال فأقام اللسان مقام النية كما أقام أخذ الامام مقام النية قال وبينه في الام فقال إنما منعني ان أجعل النية في الزكاة كنية الصلاة افتراق الصلاة والزكاة في بعض حالهما ألا ترى أنه يجوز دفع الزكاة قبل وقتها ويجزئ أن يأخذها الوالي بغير طيب نفسه فتجزئ عنه وهذا لا يوجد في الصلاة هذا آخر كلام القاضي أبى الطيب وقال امام الحرمين المنصوص للشافعي أن النية لابد منها قال وقال الشافعي في موضع آخر إن قال بلسانه هذا زكاة مالي أجزأه قال واختلف أصحابنا في هذا النص فقال صاحب التقريب فيما حكاه عنه
(١٨٠)