الصوم فصحح نيته في النهار * واحتج لهم بعموم حديثي عائشة وحفصة " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل * واحتج أصحابنا بحديث عائشة رضي الله عنها قالت " دخل على النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شئ قلنا لا قال فانى إذا صائم " رواه مسلم وفى رواية قال " إذا أصوم " رواها البيهقي وقال هذا إسناد صحيح (والجواب) عن حديث تبييت النية انه عام فنخصه بما ذكرناه جمعا بين الأحاديث وروى الشافعي والبيهقي بالاسناد الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه انه بدا له الصوم بعد ما زالت الشمس فصام والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * {ويدخل في الصوم بطلوع الفجر ويخرج منه بغروب الشمس لما روى عمر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم " قال إذا اقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغابت الشمس من ههنا فقد أفطر الصائم " ويجوز أن يأكل ويشرب ويباشر إلى طلوع الفجر لقوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) فان جامع قبل طلوع الفجر وأصبح وهو جنب جاز صومه لأنه عز وجل لما أذن في المباشرة إلى طلوع الفجر ثم أمر بالصوم دل على أنه يجوز أن يصبح صائما وهو جنب وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم " فان طلع الفجر وفى فيه طعام فأكله أو كان مجامعا فاستدام بطل صومه وان لفظ الطعام أو أخرج مع طلوع الفجر صح صومه وقال المزني إذا اخرج مع طلوع الفجر لم يصح صومه لان الجماع إيلاج واخراج فإذا بطل بالايلاج بطل بالاخراج والدليل على أنه يصح صومه ان الاخراج ترك للجماع وما علق على فعل شئ لا يتعلق بتركه كما لو حلف لا يلبس هذا الثوب وهو عليه فبدأ ينزعه لم يحنث وان اكل وهو يشك في طلوع الفجر صح صومه لان الأصل بقاء الليل وإن أكل وهو شاك في غروب الشمس لم يصح صومه لان الأصل بقاء النهار} * {الشرح} حديث عمر رضي الله عنه رواه البخاري ومسلم وليس فيه " بعد الشمس من ههنا " وإنما قال " وغربت الشمس " ورواه البخاري ومسلم أيضا من رواية عبد الله بن أبي أوفى بمعناه فلفظ البخاري لابن أبي أوفي " إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم وأشار بيده قبل المشرق " ولفظ مسلم " إذا غابت الشمس من ههنا وجاء الليل من ههنا فقد أفطر الصائم " قال العلماء إنما ذكر غروب الشمس واقبال الليل وادبار النهار ليبين أن غروبها عن العيون لا يكفي لأنها قد تغيب في بعض الأماكن عن العيون ولا تكون غربت حقيقة فلا بد من إقبال الليل وادبار النهار * (وأما) حديث عائشة رضي الله عنها فرواه البخاري ومسلم أيضا من روايتها ومن رواية أم سلمة أيضا وقولها " من جماع غير احتلام ذكرت الجماع لئلا يتوهم أحد أنه كان من احتلام وأن المحتلم معذور لكونه قد يدركه
(٣٠٣)