أن يعتكف ليلة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك " رواه البخاري ومسلم وفي رواية للبخاري " أوف بنذرك اعتكف ليلة " وفى رواية لمسلم " إني نذرت أن أعتكف يوما فقال اذهب فاعتكف يوما " وهذا لا يخالف رواية البخاري ولا الرواية المشهورة لأنه يحتمل انه سأله عن اعتكاف ليلة وسأله عن اعتكاف يوم فأمره بالوفاء بما نذر فيحصل منه صحة اعتكاف الليلة وحدها ويؤيد هذا رواية نافع عن ابن عمر ان عمر " نذر ان يعتكف ليلة في المسجد الحرام فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أوف بنذرك فاعتكف عمر ليلة " رواه الدارقطني وقال اسناده صحيح ثابت وبحديث طاوس عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس على المعتكف صيام الا أن يجعله على نفسه " رواه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك قال هو حديث صحيح على شرط مسلم ورواه الدارقطني وقال رفعه هذا الشيخ وغيره لا يرفعه يعنى أبا بكر محمد بن إسحاق السوسي وقد ذكرنا مرات أن الحديث الذي يرويه بعض الثقات مرفوعا وبعضه موقوفا يحكم بأنه مرفوع لأنها زيادة ثقة هذا هو الصحيح الذي عليه المحققون وبه قال الفقهاء وأصحاب الأصول وحذاق المحدثين (وأما) الجواب عما احتج به الأولون من اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في رمضان فمحمول على الاستحباب لا على الاشتراط ولهذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في شوال كما قدمناه فوجب حمل الأول على الاستحباب للجمع بين الأحاديث مع أنه لا يلزم من مجرد الاعتكاف في رمضان اشتراط الصوم واستدل المزني أيضا بأنه لو كان الصوم شرطا لم يصح الاعتكاف في رمضان لان صومه مستحق لغير الاعتكاف (وأما) الجواب عن حديث عائشة " لا اعتكاف إلا بصوم " فمن وجهين (أحدهما) أنه ضعيف بالاتفاق كما سبق بيانه (والثاني) لو ثبت لوجب حمله على الاعتكاف الأكمل جمعا بين الأحاديث (وأما) الجواب عن حديث عبد الله بن بديل فمن هذين الوجهين * قال المصنف رحمه الله تعالى * {ويجوز الاعتكاف في جميع الأوقات والأفضل أن يعتكف في العشر الأخير من شهر رمضان لحديث أبي بن كعب وعائشة رضي الله عنهما ويجوز أن يعتكف ما شاء من ساعة ويوم وشهر كما يجوز أن يتصدق بما شاء من قليل وكثير وإن نذر اعتكافا مطلقا أجزأه ما يقع عليه الاسم
(٤٨٨)