قول المالك في جميع هذه الصور ونظائرها مما لا يخالف الظاهر فان رأى الساعي تحليفه حلفه واليمين هنا مستحبة فان امتنع منها لم يكلف بها ولا زكاة عليه بلا خلاف لان الأصل براءته ولم يعارض الأصل ظاهر وإن كان قول المالك مخالفا للظاهر بان قال بعته ثم اشتريته في أثناء الحول ولم يحل حوله بعد أو قال فرقت الزكاة بنفسي وجوزنا ذلك له ونحو ذلك فالقول قول المالك بيمينه بلا خلاف وهل اليمين مستحبة أم واجبة فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أصحهما) مستحبة صححه المحاملي في كتابيه وآخرون وقطع به جماعة منهم المحاملي في المقنع (فان قلنا) مستحبة فنكل لم يجبر على اليمين ولا زكاة عليه (وان قلنا) واجبة فامتنع اخذت منه الزكاة قال أصحابنا وليس هذا أخذنا بالنكول بل بالوجوب السابق والسبب المتقدم ومعناه ان الزكاة انعقد سبب وجوبها ويدعي مسقطها ولم يثبته بيمينه ولا بغيرها والأصل عدمه فبقي الوجوب هذا هو المشهور وبه قطع الأصحاب الا أبا العباس ابن القاص فقال هذه المسألة حكم فيها بالنكول على هذا الوجه قال أصحابنا وهذا غلط قال القاضي أبو الطيب والأصحاب ونظير هذا اللعان فان الزوج إذا لاعن لزم المرأة حد الزنا فان لاعنت سقط وان امتنعت لزمها الحد لا بامتناعها بل بلعان الزوج وإنما لعانها مسقط لما وجب بلعانه فإذا لم تلاعن بقي الوجوب وهكذا الزكاة والله أعلم * ولو قال المالك هذا المال الذي في يدي وديعة وقال الساعي بل هو ملك لك فوجهان مشهوران في الشامل وغيره (أحدهما) ان دعواه لا تخالف الظاهر فيكون القول قوله بيمينه استحبابا قطعا لان ما في يد الانسان قد يكون لغيره (وأصحهما) انها مخالفة للظاهر وصححه صاحب الشامل وبه قطع القاضي أبو الطيب في تعليقه والبندنيجي والمحاملي في كتابيه وغيرهم والله أعلم * (الرابعة) يستحب ان يخرج الساعي لاخذ زكاة الثمار والزروع في الوقت الذي يصادف ادراكها وحصولها وقد سبق شرح هذه المسألة قريبا ويستحب أن يكون مع الساعي من يخرص ليخرص ما يحتاج إلى خرصه وينبغي أن يكون خارصان ذكران حران ليخرج من الخلاف السابق في ذلك والله أعلم * (الخامسة) إذا قبض الساعي الزكاة فإن كان الامام اذن له في تفريقها في موضعها فرقها وان امره بحملها حيث يجوز الجمل اما لعدم من يصرف إليه في ذلك الموضع أو لقرب المسافة إذا قلنا به أو لكون الامام والساعي يريان جواز النقل حملها وان لم يأذن له في التفرقة ولا امره بالحمل فمقتضى عبارة المصنف وغيره وجوب الحمل إلى الامام وهكذا هو لان الساعي نائب الامام فلا يتولي الا ما اذن له فيه وإذا أطلق الولاية
(١٧٤)