الاحتمالين بحروفهما قال إمام الحرمين وكل ما يرد في الاخبار من تكفير الذنوب فهو عندي محمول على الصغائر دون الموبقات هذا كلامه وقد ثبت في الصحيح ما يؤيده فمن ذلك حديث عثمان رضي الله عنه قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرى مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها الا كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة وذلك الدهر كله " رواه مسلم وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن ما لم تغش الكبائر " رواة مسلم وعنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن من الذنوب إذا اجتنب الكبائر " رواه مسلم قلت وفى معنى هذه الأحاديث تأويلان (أحدهما) يكفر الصغائر بشرط أن لا يكون هناك كبائر فإن كانت كبائر لم يكفر شيئا لا الكبائر لا الكبائر ولا الصغائر (والثاني) وهو الأصح المختار انه يكفر كل الذنوب الصغائر وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر قال القاضي عياض رحمه الله هذا المذكور في الأحاديث من غفران الصغائر دون الكبائر هو مذهب أهل السنة وان الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى (فان قيل) قد وقع في هذا الحديث هذه الألفاظ ووقع في الصحيح غيرها مما في معناها فإذا كفر الوضوء فماذا تكفره الصلاة وإذا كفرت الصلوات فماذا تكفره الجمعات ورمضان وكذا صوم يوم عرفة كفارة سنتين ويوم عاشوراء كفارة سنة وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (فالجواب) ما أجاب به العلماء ان كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير فان وجد ما يكفره من الصغائر كفره وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات ورفعت له به درجات وذلك كصلوات الأنبياء والصالحين والصبيان وصيامهم ووضوئهم وغير ذلك من عباداتهم وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر وقد قال أبو بكر في الاشراف في آخر كتاب الاعتكاف في باب التماس ليلة القدر في قوله صلى الله عليه وسلم " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " قال هذا قول عام يرجى لم قامها إيمانا واحتسابا أن تغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها * * قال المصنف رحمه الله * {ويستحب أن يصوم يوم عاشورا لحديث أبي قتادة ويستحب أن يصوم يوم تاسوعاء لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع "} * {الشرح} حديث أبي قتادة سبق بيانه ولفظ مسلم فيه " ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن
(٣٨٢)