باب صدقة التطوع * قال المصنف رحمه الله * {لا يجوز ان يتصدق بصدقة التطوع وهو محتاج إلى ما يتصدق به لنفقته أو نفقة عياله لما روى أبو هريرة رضي الله عنه " ان رجلا أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عندي دينار فقال إنفقه على نفسك قال عندي آخر قال إنفقه على ولدك قال عندي آخر قال إنفقه على أهلك قال عندي آخر قال إنفقه على خادمك قال عندي آخر قال أنت اعلم به " وقال صلى الله عليه وسلم " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " ولا يجوز لمن عليه دين وهو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه لأنه حق واجب فلم يجز تركه بصدقة التطوع كنفقة عياله} * {الشرح} حديث أبي هريرة حديث حسن رواه أبو داود والنسائي في سننهما باسناد حسن ولكن وقع في المهذب في الدينار الثالث " أنفقه على أهلك " وفى سنن أبي داود " تصدق به على زوجتك أو زوجك " كذا جاء على الشك وهما لغتان في المرأة يقال لها زوج وزوجة وحذف الهاء أفصح وأشهر وبه جاء القرآن العزيز ووقع في المهذب في كل الدنانير " أنفقه على كذا " وفى سنن أبي داود " تصدق به " بدل أنفقه (وأما) الحديث الآخر " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " فرواه أبو داود بلفظه باسناد صحيح ورواه مسلم في صحيحه بمعناه " كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " وهو من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص (أما) الأحكام ففيه مسألتان (إحداهما) إذا كان محتاجا إلى ما معه لنفقة نفسه أو عياله هل يتصدق صدقة التطوع فيه ثلاثة أوجه (أحدها) لا يستحب ذلك ولا يقال مكروه وبهذا قطع الماوردي والغزالي وجماعة من الخراسانيين وتابعهم الرافعي فقال لا يستحب له التصدق وربما قيل يكره وقال الماوردي صدقة التطوع قبل أداء الواجبات من الزكوات والكفارات وقيل الانفاق على من تجب نفقتهم من الأقارب والزوجات غير مستحبة ولا مختارة هذا لفظه (والثاني) يكره ذلك وبه قطع المتولي (والثالث) وهو الأصح لا يجوز وبه قطع المصنف هنا وفى التنبيه وشيخه القاضي أبو الطيب والدارمي وابن الصباغ والبغوي وصاحب البيان وآخرون وظاهر نص الشافعي رضي الله عنه إشارة إلى الوجه الأول لأنه قال في مختصر المزني أحب أن يبدأ بنفسه ثم بمن يعول لان نفقة من يعول فرض والفرض أولى به من النفل ثم بقرابته
(٢٣٤)