(ولا يصح أداء الزكاة الا بالنية لقوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) ولأنها عبادة محضة فلم تصح من غير نية كالصلاة وفى وقت النية وجهان (أحدهما) يجب أن ينوى حال الدفع لأنه عبادة يدخل فيها بفعله فوجبت النية في ابتدائها كالصلاة (والثاني) يجوز تقديم النية عليها لأنه يجوز التوكيل فيها ونيته غير مقارنة لأداء الوكيل فجاز تقديم النية عليها بخلاف الصلاة ويجب أن ينوى الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال فان نوى صدقة مطلقة لم تجزه لان الصدقة قد تكون نفلا فلا تنصرف إلى الفرض الا بالتعيين ولا يلزمه تعيين المال المزكي عنه وإن كان له نصاب حاضر ونصاب غائب فاخرج الفرض فقال هذا عن الحاضر أو الغائب أجزأه لأنه لو أطلق النية لكانت عن أحدهما فلم يضر تقييده بذلك فان قال إن كان مالي الغائب سالما فهذا عن زكاته وان لم يكن سالما فهو عن الحاضر فإن كان الغائب هالكا أجزأه لأنه لو أطلق وكان الغائب هالكا لكان هذا عن الحاضر وان قال إن كان مالي الغائب سالما فهذا عن زكاته أو تطوع لم يجزه لأنه لم يخلص النية للفرض وان قال إن كان مالي الغائب سالما فهذا عن زكاته وان لم يكن سالما فهو تطوع وكان سالما أجزأه لأنه أخلص النية للفرض ولأنه لو أطلق النية لكان هذا مقتضاه فلم يضر التقييد وإن كان له من يرثه فأخرج مالا وقال إن كان قد مات مورثي فهذا عن زكاة ما ورثته منه وكان قد مات لم يجزه لأنه لم يبن النية على أصل لان الأصل بقاؤه وان وكل من يؤدى الزكاة ونوى عند الدفع إلى الوكيل ونوي الوكيل عند الدفع إلى الفقراء أجزأه وان نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجزه لان الزكاة فرض على رب المال قلم تصح من غير نية وان نوي رب المال ولم ينو الوكيل ففيه طريقان (من) أصحابنا من قال يجوز قولا واحدا لان الذي عليه الفرض قد نوى في وقت الدفع إلى الوكيل فتعين المدفوع للزكاة فلا يحتاج بعد ذلك إلى النية (ومن) أصحابنا من قال يبني على جواز تقديم النية (فان قلنا) يجوز أجزأه (وان قلنا) لا يجوز لم يجزه وان دفعها إلى الامام ولم ينو ففيه وجهان (أحدهما) يجزئه وهو ظاهر النص لان الامام لا يدفع إليه الا الفرض فاكتفى بهذا الظاهر عن النية (ومن) أصحابنا من قال لا يجزئه وهو الأظهر لان الامام وكيل للفقراء ولو دفع إلى الفقراء لم يجز الا بالنية عند الدفع فكذلك إذا دفع إلى وكيلهم وتأول هذا القائل قول الشافعي رحمه الله على من امتنع من أداء الزكاة فأخذها الامام منه قهرا فإنه يجزئه لأنه تعذرت النية من جهته فقامت نية الامام مقام نيته) *
(١٧٩)