والكفارة فيشترط له النية باجماع المسلمين * واحتج لعطاء وموافقيه بأن رمضان مستحق الصوم يمنع غيره من الوقوع فيه فلم يفتقر إلى نية * واحتج أصحابنا بحديث " إنما الأعمال بالنيات " وبحديث حفصة السابق وقياسا على الصلاة والحج ولأن الصوم هو الامساك لغة وشرعا ولا يتميز الشرعي عن اللغوي الا بالنية فوجبت للتمييز (والجواب) عما ذكروه انه منتقض بالصلاة إذا لم يبق من وقتها الا قدر الفرض فان هذا الزمان مستحق لفعلها ويمنع من ايقاع غيرها فيه وتجب فيها النية بالاجماع وقد يجيبون عن هذا بان ذلك الزمان وإن كان لا يجوز فيه صلاة أخرى لكن لو فعلت انعقدت وقد ينازع في انعقادها لأنها محرمة وقد سبق ان الصلاة التي لا سبب لها لو فعلت في وقت النهى لا تنعقد على الأصح والله تعالى اعلم * {فرع} في مذاهبهم في نية صوم رمضان * ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يصح الا بالنية من الليل وبه قال مالك واحمد واسحق وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف وقال أبو حنيفة يصح بنية قبل الزوال قال وكذا النذر المعين ووافقنا على صوم القضاء والكفارة انهما لا يصحان إلا بنية من الليل واحتج له بالأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم " بعث يوم عشوراء إلى أهل العوالي وهي القرى التي حول المدينة أن يصوموا يومهم ذلك " قالوا وكان صوم عاشوراء واجبا ثم نسخ وقياسا على صوم الفل * واحتج أصحابنا بحديث حفصة وحديث عائشة رضي الله عنهما " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " وهما صحيحان سبق بيانهما وبالقياس على صوم الكفارة والقضاء وأجاب أصحابنا عن حديث عاشوراء بجوابين (أحدهما) انه لم يكن واجبا وإنما كان تطوعا متأكدا شديدا التأكيد وهذا هو الصحيح عند أصحابنا (والثاني) أنه لو سلمنا أنه كان فرضا فكان ابتداء فرضه عليهم من حين بلغهم ولم يخاطبوا بما قبله كاهل قبا في استقبال الكعبة فان استقبالها بلغهم في أثناء الصلاة فاستداروا وهم فيها من استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة وأجزأتهم صلاتهم حيث لم يبلغهم الحكم الا حينئذ وإن كان الحكم باستقبال الكعبة قد سبق قبل هذا في حق غيرهم ويصير هذا كمن أصبح بلا نية ثم نذر في أثناء النهار صوم ذلك اليوم وأجاب الماوردي بجواب ثالث وهو أنه لو كان عاشوراء واجبا فقد نسخ باجماع العلماء وأجمع العلماء على أنه ليس بواجب وإذا نسخ حكم شئ لم يجز أن يلحق به غيره (وأما) الجواب عن قياسهم على التطوع فالفرق ظاهر لان التطوع مبنى على التخفيف ولأنه ثبت الحديث الصحيح فيه وثبت حديث حفصة وعائشة رضي الله عنهما فوجب الجمع بين ذلك كله وهو حاصل بما ذكرناه أن حديث التبييت في الصوم الواجب وغيره في صوم التطوع والله أعلم *
(٣٠١)