(فصل) في بيان حقيقة الدينار والدرهم ومبدأ أمرهما في الاسلام وضبط مقدارهما قال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن في أول كتاب البيع في باب * المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة * قال معني الحديث ان الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة وزن أهل مكة وهي دراهم الاسلام المعدلة منها العشرة بسبعة مثاقيل لان الدراهم مختلفة الأوزان في البلدان فمنها البغلي وهو ثمانية دوانيق والطبري أربعة دوانيق ومنها الخوارزمي وغيرها من الأنواع ودراهم الاسلام في جميع البلدان ستة دوانيق وهو وزن أهل مكة الجاري بينهم وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت قدوم النبي صلى الله عليه وسلم ويدل عليه قول عائشة رضي الله عنها في قصه شراها بريرة ان شاء أهلك ان أعدها لهم عدة واحدة فعلت تريد الدراهم فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوزن وجعل المعيار وزن أهل مكة قال واختلفوا في حال الدراهم فقال بعضهم لم تزل الدراهم على هذا العيار في الجاهلية والاسلام وإنما غيروا السكك ونقشوها بسكة الاسلام والأوقية أربعون درهما ولهذا قال النبي صلي عليه وسلم (ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة) وهي مائتا درهم قال وهذا قول أبي العباس بن سريج وقال أبو عبيد حدثني رجل من أهل العلم والعناية بأمر الناس ممن يعنى بهذا الشأن ان الدراهم كانت في الجاهلية ضربين البغلية السوداء ثمانية دوانيق والطبرية أربعة وكانوا يستعملونها مناصفة مائة بغلية ومائة طبرية فكان في المائتين منها خمسة دراهم زكاة فلما كان زمن بني أمية قالوا إن ضربنا البغلية ظن الناس انها التي تعتبر فيها الزكاة فيضر الفقراء وإن ضربنا الطبرية ضر أرباب الأموال فجمعوا الدرهم البغلي والطبري وجعلوهما درهمين كل درهم ستة دوانيق وأما الدينار فكان يحمل إليهم من بلاد الروم فلما أراد عبد الملك ابن مروان ضرب الدنانير والدراهم سأل عن أوزان الجاهلية فأجمعوا له على أن المثقال اثنان وعشرون قيراطا الأحبة بالشامي وأن عشرة من الدراهم سبعة مثاقيل فضربها كذلك هذا آخر كلام الخطابي وقال الماوردي في الأحكام السلطانية: استقر في الاسلام وزن الدراهم ستة دوانيق كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل واختلف في سبب استقرارها على هذا الوزن فقيل كانت في الفرس ثلاثة أوزان منها درهم على وزن المثقال عشرون قيراطا ودرهم إثنا عشر ودرهم عشرة فلما احتيج في الاسلام
(١٤)