ثم من شاء هذا نصه رضي الله عنه (فان قيل) يرد على المصنف وموافقيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه " أن رجلا من الأنصار بات به ضيف فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه فقال لامرأته نومي الصبيان واطفئي السراج وقدمي للضيف ما عندك " فنزلت هذه الآية (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) هذا حديث صحيح رواه الترمذي بهذا اللفظ وهو في صحيحي البخاري ومسلم أبسط من هذا (فالجواب) من وجهين (أحدهما) أن هذا ليس من باب صدقة التطوع إنما هو ضيافة والضيافة لا يشترط فيها الفضل عن عياله ونفسه لتأكدها وكثرة الحث عليها حتى أن جماعة من العلماء أوجبوها (الثاني) أنه محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين حينئذ بل كانوا قد أكلوا حاجتهم (وأما) الرجل وامرأته فتبرعا بحقهما وكانا صابرين فرحين بذلك ولهذا جاء في الآية والحديث الثناء عليهما (فان قيل) قوله نومي صبيانك وغير هذا اللفظ مما جاء في الحديث يدل على أن الصبيان كانوا جياعا (فالجواب) أن الصبيان لا يتركون الاكل عند حضور الطعام ولو كانوا شباعا فخاف إن بقوا مستيقظين أن يطلبوا الاكل عند حضور الطعام على العادة فينكدوا عليهما وعلى الضيف لقلة الطعام والله تعالى اعلم * المسألة الثانية إذا أراد صدقة التطوع وعليه دين فقد أطلق المصنف وشيخه أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وآخرون انه لا تجوز صدقة التطوع لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه وقال المتولي وآخرون يكره وقال الماوردي والغزالي وآخرون لا يستحب وقال الرافعي لا يستحب وربما قيل يكره هذا كلامه والمختار انه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة وقد تستحب وإلا فلا تحل وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الأصحاب المطلق والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * {فان فضل عما يلزمه استحب له ان يتصدق لقوله صلى الله عليه وسلم " ليتصدق الرجل من ديناره وليتصدق من درهمه وليتصدق من صاع بره وليتصدق من صاع تمره " وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطعم جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله عز وجل يوم القيامة من الرحيق المختوم يوم القيامة ومن كسا مؤمنا عاريا كساه الله تعالى من خضر الجنة " ويستحب الاكثار منه في شهر رمضان لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما كون في رمضان " فإن كان ممن يصبر على الإضافة استحب له التصدق بجميع ماله لما روى
(٢٣٥)