ولو قبض السيد الدين من المكاتب وعتق والغريم من المدين ثم رده إليه هبة لم يرجع الدافع عليهما بل أجزأه عن الزكاة ثم ملكه هذا بجهة أخرى وهذا لا خلاف فيه وممن صرح به الدارمي والله تعالى اعلم (المسألة الخامسة) إذا ادعي أنه مكاتب لم يقبل الا ببينة باتفاق الأصحاب لان الأصل والظاهر عدم الكتابة مع امكان إقامة البينة فان صدقه سيده فهل يقبل فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما (أصحهما) عند الجمهور يقبل ممن صححه القاضي أبو الطيب في المجرد وابن الصباغ والمتولي والبغوي والغزالي والرافعي وآخرون وشذ الجرجاني فصحح في التحرير عدم القبول والصحيح القبول * قال أصحابنا واما ما احتج به القائل الآخر من احتمال المواطأة فضعيف لان هذا الدفع يكون مراعا في حق السيد فان أعتق العبد والا استرجع المال منه * (فرع) قال الغزالي وآخرون يقوم مقام البينة الاستفاضة وضبط الرافعي هذه المسألة ضبطا حسنا فنذكر كلامه مختصرا وإن كان بعضه قد سبق في الباب مفرقا قال: قال الأصحاب من سأل الزكاة وعلم الإمام انه ليس مستحقا لم يجز له صرف الزكاة إليه وإن علم استحقاقه جاز الصرف إليه بلا خلاف ولم يخرجوه على الخلاف في قضاء القاضي بعلمه مع أن للتهمة ههنا مجال أيضا (قلت) الفرق ان الزكاة مبنية على الرفق والمساهلة وليس هنا إضرار بمعين بخلاف قضاء القاضي وإن لم يعرف حاله فالصفات قسمان خفية وجلية فالخفي الفقر والمسكنة فلا يطالب مدعيهما ببينة لعسرها فلو عرف له مال وادعي هلاكه لم يقبل إلا ببينة ولو ادعي عيالا فلابد من البينة في الأصح (وأما) الجلي فضربان (أحدهما) يتعلق الاستحقاق فيه بمعنى في المستقبل وذلك في الغازي وابن السبيل فيعطيان بقولهما بلا بينة ولا يمين ثم إن لم يحققا ما ادعيا ولم يخرجا استرد منهما ما أخذا وإلى متى يحتمل تأخير الخروج قال السرخسي ثلاثة أيام قال الرافعي ويشبه أن يكون هذا على التقريب وأن يعتبر ترصده للخروج وكون التأخير لانتظار أو للتأهب بأهب السفر ونحوهما (الضرب الثاني) يتعلق الاستحقاق فيه بمعنى في الحال وهذا الضرب يشترك فيه بقية الأصناف فالعامل إذا ادعي العمل طولب بالبينة وكذا المكاتب والغارم فان صدقهما السيد وصاحب الدين فوجهان (أصحهما) يكفي ويعطيان (وأما المؤلف) فان قال نيتي ضعيفة في الاسلام قبل وإن ادعى أنه شريف مطاع طولب بالبينة هذا هو المذهب وقيل يطالب بالبينة مطلقا قال الرافعي واشتهار الحال بين الناس قائم مقام البينة لحصول العلم أو الظن قال ويشهد لما ذكرناه من اعتبار غلبة الظن ثلاثة أمور (أحدها) قول بعض الأصحاب لو أخبر عن الحال واحد
(٢٠٣)