الفصل فقال أصحابنا إذا خرج لأداء الشهادة له أربعة أحوال (إحداها) أن لا يتعين عليه التحمل ولا الأداء (والثانية) أن يتعين التحمل دون الأداء فيبطل اعتكافه بالخروج لأنه غير مضطر إليه (الثالثة) أن يتعين الأداء دون التحمل فيبطل على المذهب وهو المنصوص وقول أبى اسحق وقال أبو العباس فيه قولان وذكر المصنف دليل الجميع (الرابعة) أن يتعين الأداء والتحمل فالمذهب أنه لا يبطل لأنه مضطر إلى الخروج والي سببه وبهذا قطع المصنف والجمهور وقيل فيه طريقان حكاهما الماوردي والسرخسي وغيرهما (أصحهما) هذا (والثاني) على وجهين حكاهما الماوردي عن أصحابنا البصريين (أحدهما) هذا (والثاني) يبطل اعتكافه لأنه يمكنه أداء الشهادة في المسجد بأن يحضره القاضي وهذا ضعيف غريب هذا كله في اعتكاف منذور متتابع (فأما) إذا كان الاعتكاف تطوعا وطلب الشهادة فيكون كغير المعتكف فعليه الإجابة حيث تجب على غيره لأنها أفضل من الاعتكاف المتطوع به وإن كان الاعتكاف نذرا غير متتابع فإن كانت الشهادة متعينة لزمه الإجابة سواء دعى لأدائها أو لحملها لأنه لا ضرر عليه في ذلك لأنه يمكنه البناء إذا عاد إلى المسجد وفي امتناعه من الشهادة اضرار بالمشهود له وان لم تكن متعينة بأن كان لصاحب الشهادة شهود آخرون ففي لزوم الإجابة وجهان حكاهما المتولي وغيره (أحدهما) لا يلزمه لأنه مشتغل بفرض متعين عليه وليس بالمشهود له ضرورة إليه لتمكنه من غيره (والثاني) يلزمه لان أداء الشهادة عند طلبها فرض كما أن الاعتكاف فرض ولكن الشهادة آكد لأنها حق آدمي يخاف فوته والاعتكاف يمكن تداركه وقول القائل الأول لا ضرر على المشهود له يعارضه أن المعتكف لا ضرر عليه أيضا لأنه يمكنه البناء والله أعلم * {فرع} إذا دعي لتحمل شهادة قال المتولي إن كان اعتكافه تطوعا ولم يتعين بالتحمل فالأولى أن لا يخرج وان تعين عليه التحمل لزمه الخروج لان ذلك واجب وإن كان اعتكافه واجبا لم يلزمه الإجابة سواء كان متتابعا أم لا لأنه مشتغل بفرض فلا يلزمه قطعه وهل يباح له الخروج ينظر فإن لم يكن شرط التتابع جاز الخروج لأنه لا يبطل بخروجه عبادته فيخرج فإذا عاد بنى وإن كان شرط التتابع لم يجز الخروج لأنه يبطل ما مضى من عبادته وابطال العبادة الواجبة لا يجوز هذا آخر كلام المتولي وقال الدارمي إذا دعي لتحمل شهادة وهناك غيره لم يجز فان خرج بطل اعتكافه ولم يذكر الدارمي غير هذا والله أعلم *
(٥١٥)