بحديث الاعرابي كما أشار إليه المصنف لأنه صلى الله عليه وسلم قال " أطعمه أهلك " ومعلوم ان الكفارة لا تصرف إلى الأهل وقال جمهور أصحابنا والمحققون حديث الاعرابي دليل لثبوتها في الذمة عند العجز عن جميع الخصال لأنه لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عجزه عن جميع الخصال ثم ملكه النبي صلى الله عليه وسلم العرق من التمر ثم امره بأداء الكفارة لقدرته الآن عليها فلو كانت تسقط بالعجز لما أمره بها (وأما) اطعامه أهله فليس هو على سبيل الكفارة وإنما معناه أن هذا الطعام صار ملكا له وعليه كفارة فامر باخراجه عنها فلما ذكر حاجته إليه أذن له في أكله لكونه في ملكه لا عن الكفارة وبقيت الكفارة في الذمة وتأخيرها لمثل هذا جائز بلا خلاف (فان قيل) لو كانت واجبة لبينها له عليه السلام (فالجواب) من وجهين (أحدهما) انه قد بينها له بقوله صلى الله عليه وسلم تصدق بهذا بعد اعلامه بعجزه ففهم الاعرابي وغيره من هذا انها باقية عليه (الثاني) أن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز وهذا ليس وقت الحاجة فهذا الذي ذكرته من تأويل الحديث ومعناه هو الصواب الذي قاله المحققون والأكثرون وحكى امام الحرمين والغزالي وغيرهما وجها لبعض الأصحاب أنه يجوز صرف كفارة الجماع خاصة إلى زوجة المكفر وأولاده إذا كانوا فقراء لهذا الحديث ووافق هذا القائل على أن الزكاة وباقي الكفارات لا يجوز صرفها إلى الزوجة والأولاد الفقراء وقاس الجمهور على الزكاة وباقي الكفارات وأجابوا عن الحديث بما سبق * {فرع} في مسائل تتعلق بالجماع في صوم رمضان (إحداها) إذا نسي النية وجامع في ذلك اليوم فلا كفارة في ذلك اليوم بلا خلاف لأنه لم يفسد به صوما (الثانية) إذا وطئ الصائم في نهار رمضان وقال جهلت تحريمه فإن كان ممن يخفى عليه لقرب اسلامه ونحوه فلا كفارة والا وجبت ولو قال علمت تحريمه وجهلت وجوب الكفارة لزمته الكفارة بلا خلاف ذكره الدارمي وغيره وهو واضح وله نظائر معروفة لأنه مقصر (الثالثة) إذا أفسد الحج بالجماع قال الدارمي ففي الكفارة الأقوال الأربعة السابقة في كفارة الجماع في الصوم * {فرع} في مذاهب العلماء في كفارة الجماع في صوم رمضان وما يتعلق بها وفيه مسائل (إحداها) قد ذكرنا أن مذهبنا أن من أفسد صوم يوم من رمضان بجماع تام أثم به بسبب الصوم لزمته الكفارة وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود والعلماء كافة الا ما حكاه العبدري وغيره من أصحابنا عن الشعبي وسعيد بن جبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا لا كفارة عليه كما لا كفارة عليه بافساد الصلاة دليلنا حديث أبي هريرة السابق في قصة الاعرابي ويخالف الصلاة فإنه لا مدخل للمال في جبرانها (الثانية) يجب على المفكر مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه * هذا هو المشهور من مذهبنا وفيه
(٣٤٤)