وسلم انه حدثه قال " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر " هذا لفظه وكذا لفظ الباقين مصرح بان الذي حدث أبا بكر صحابي ولو ذكره المصنف كذلك لكان أحسن ولفظ رواية المصنف بمعناه فان الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسلم صحابي ثم إن هذا الصحابي وإن كان مجهول الاسم لا يقدح في صحة الحديث لان الصحابة كلهم عدول ولهذا احتج به مالك في الموطأ وسائر الأئمة (وأما) الأثر المذكور عن أنس في الاكتحال فرواه أبو داود باسناد كلهم ثقات الا رجلا مختلفا فيه ولم يبين الذي ضعفه سبب تضعيفه مع أن الجرح لا يقبل الا مفسرا وقول المصنف ولأن العين ليس بمنفذ هكذا هو في نسخ المهذب ليس وهي لغة ضعيفة غريبة والمشهور الفصيح ليست باثبات التاء (وأما) المنفذ فبفتح الفاء (أما) الأحكام ففيها مسألتان (إحداهما) يجوز للصائم ان ينزل في الماء وينغطس فيه ويصبه على رأسه سواء كان في حمام أو غيره ولا خلاف في هذا ودليله الحديث الذي ذكره وحديث عائشة وغيرها في الصحيحين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان يصبح جنبا وهو صائم ثم يغتسل " (الثانية) يجوز للصائم الاكتحال بجميع الأكحال ولا يفطر بذلك سواء وجد طعمه في حلقه أم لا لأن العين ليست بجوف ولا منفذ منها إلى الحلق قال أصحابنا ولا يكره الاكتحال عندنا قال البندنيجي وغيره سواء تنخمه أم لا * {فرع} في مذاهب العلماء في الاكتحال * ذكرنا انه جائز عندنا ولا يكره ولا يفطر به سواء وجد طعمه في حلقه أم لا وحكاه ابن المنذر عن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وأبي حنيفة وأبى ثور وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن أبي أوفى الصحابيين رضي الله عنهم وبه قال داود وحكي ابن المنذر عن سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلي انهم قالوا يبطل به صومه وقال قتادة يجوز بالإثمد ويكره بالصبر * وقال الثوري وإسحق يكره * وقال مالك وأحمد يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر * واحتج للمانعين بحديث معبد بن هوذة الصحابي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " انه أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال ليتقه الصائم " رواه أبو داود وقال قال لي يحيى بن معين هو حديث منكر * واحتج أصحابنا بأحاديث ضعيفة نذكرها لئلا يغتر بها (منها) حديث عائشة قالت " اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم " رواه ابن ماجة باسناد ضعيف من رواية بقية عن سعيد ابن أبي سعيد الزبيدي شيخ بقية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال البيهقي وسعيد الزبيدي هذا من مجاهيل شيوخ بقية ينفرد بما لا يتابع عليه قلت وقد اتفق الحفاظ على أن رواية بقية عن المجهولين مردودة واختلفوا في روايته عن المعروفين فلا يحتج بحديثه هذا بلا خلاف وعن أنس قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال نعم " رواه الترمذي وقال ليس اسناده بالقوى قال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شئ وعن
(٣٤٨)