فعليه الوضوء) وهذا اسناد في نهاية من الصحة كما تراه: فان قيل ذكر النساء قرينة تصرف اللمس إلى الجماع كما أن الوطئ أصله الدوس بالرجل وإذا قيل وطئ المرأة لم يفهم منه الا الجماع: فالجواب ان العادة لم تجر بدوس المرأة بالرجل فلهذا صرفنا الوطئ إلى الجماع بخلاف اللمس فان استعماله في الجس باليد للمرأة وغيرها مشهور: وذكر أصحابنا أقيسة كثيرة منها أنه لمس يوجب الفدية على المحرم فنقض كالجماع قال إمام الحرمين في الأساليب الوجه أن يقال ما ينقض الوضوء لا يعلل وفاقا قال وقد اتفق الأئمة على أن اقتضاء الاحداث الوضوء ليس مما يعلل وإذا كان كذلك فلا مجال للقياس وليس لمس الرجل الرجل في معنى لمسه المرأة فإن لمسها يتعلق به وجوب الفدية وتحريم المصاهرة وغير ذلك فلا مطمع لهم في القياس على الرجل وقد سلم أكثرهم ان الرجل والمرأة إذا تجردا وتعانقا وانتشر له وجب الوضوء فيقال لهم بم نقضتم في الملامسة الفاحشة فان قالوا بالقياس لم يقبل وان قالوا لقربه من الحدث قلنا القرب من الحدث ليس حدثا بالاتفاق ولا يرد علينا النائم فإنه إنما انتقض بالسنة لكونه لا يشعر بالخارج فلم يبق لهم ما يوجب الوضوء في الملامسة الفاحشة الا ظاهر القرآن العزيز وليس فيه فرق بين الملامسة الفاحشة وغيرها: واما الجواب عن احتجاجهم بحديث حبيب بن أبي ثابت فمن وجهين: أحسنهما وأشهرهما انه حديث ضعيف باتفاق الحفاظ ممن ضعفه سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وأبو داود وأبو بكر النيسابوري وأبو الحسن الدارقطني وأبو بكر البيهقي وآخرون من المتقدمين والمتأخرين: قال أحمد بن حنبل وأبو بكر النيسابوري وغيرهما غلط حبيب من قبلة الصائم إلى القبلة في الوضوء: وقال أبو داود روى عن سفيان الثوري أنه قال ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني يعنى لا عن عروة بن الزبير وعروة المزني مجهول وإنما صح من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو
(٣٢)