المسافة وقربها وعلى هذا قال الرافعي يجوز أن يعتبر الوسط المقتصد ويجوز ان يعتبر الحد الذي يسعى إليه المسافر عند تيقن الماء فان ذلك الحد لو لم يقدر على السعي إليه بنفسه وقدر على بذل أجرة لمن ينقل له الماء منه لزمه (والوجه الثاني) يعتبر ثمن مثله في ذلك الموضع في غالب الأوقات فان الشربة الواحدة في وقت عزة الماء يرغب فيها بدنانير فلو كلفناه شراه بقيمته في الحال لحقه المشقة والحرج وبهذا الوجه قطع الشيخ أبو حامد والبندنيجي والماوردي والقاضي أبو الطيب والمحاملي وصاحب الشامل وحكوه عن أبي إسحاق المروزي واختاره الروياني والوجه الثالث يعتبر ثمن مثله في ذلك الموضع في تلك الحالة فان ثمن المثل يعتبر حالة التقويم وهذا الثالث هو الصحيح عند جمهور الأصحاب وبه قطع الدارمي وجماعة من العراقيين ونقله صاحب البيان عن الشيخ أبي حامد ونقله امام الحرمين عن الأكثرين قال والوجه الأول بناه قائلوه على أن الماء لا يملك وهو وجه سخيف قال والوجه الثاني أيضا ليس بشئ قال وعلى طريقة الأكثرين الأقرب أن يقال لا يعتبر ثمن الماء عند الحاجة إلى سد الرمق فان ذلك لا ينضبط وربما رغب في الشربة حينئذ بدنانير ويبعد في الرخص والتخفيفات أن توجب ذلك على المسافر ولكن يعتبر الزمان والمكان من غير انتهاء الأمر إلى سد الرمق وأما الغزالي رحمه الله فانفرد عن الأصحاب فاختار الوجه الأول قال الرافعي ولم نر أحدا اختاره غيره وغير من تابعه * والله أعلم * أما إذا لم يبع الماء الا بأكثر من ثمن المثل فلا يلزمه شراه بلا خلاف لكن الأفضل أن يشتريه صرح به جماعة منهم أبو عبد الله الزبيري في كتابه الكافي قال أصحابنا وسواء كثرت الزيادة على ثمن المثل أو قلت لا يلزمه الشراء هذا هو الصحيح المشهور وبه قطع الجمهور في كل الطرق ونص عليه الشافعي رحمه الله في الأم وفيه وجه أنه يجب شراه بزيادة يتغابن الناس بها وبه قطع البغوي وحكاه المتولي عن القاضي حسين بعد حكايته عن الأصحاب أنه لا فرق والمذهب ما سبق عن الجمهور لان هذا القدر من المال محترم ولهذا لو خاف تلف شئ يسير من ماله لو ذهب إلى الماء لم يلزمه الذهاب
(٢٥٤)