وجب الغسل لأنه عن شهوة: دليلنا على الجميع قوله صلى الله عليه وسلم (الماء من الماء) ولم يفرق ولأنه نوع حدث فنقض مطلقا كالبول والجماع وسائر الاحداث: (الثالثة) لو قبل امرأة فأحس بانتقال المني ونزوله فأمسك ذكره فلم يخرج منه في الحال شئ ولا علم خروجه بعد ذلك فلا غسل عليه عندنا وبه قال العلماء كافة الا أحمد فإنه قال في أشهر الروايتين عنه يجب الغسل قال ولا يتصور رجوع المني: دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الماء من الماء) ولان العلماء مجمعون على أن من أحس بالحدث كالقرقرة والريح ولم يخرج منه شئ لا وضوء عليه فكذا هنا قال صاحب الحاوي ولو أنزلت المرأة المني إلى فرجها فإن كانت بكرا لم يلزمها الغسل حتى يخرج من فرجها لان داخل فرجها في حكم الباطن ولهذا لا يلزمها تطهيره في الاستنجاء والغسل فأشبه إحليل الذكر وإن كانت ثيبا لزمها الغسل لأنه يلزمها تطهير داخل فرجها في الاستنجاء فأشبه العضو الظاهر (الرابعة) لو انكسر صلبه فخرج منه المني ولم ينزل من الذكر ففي وجوب الغسل وجهان حكاهما الماوردي والروياني والشاشي وغيرهم قال الشاشي أصحهما لا يجب وبه قطع القاضي أبو الطيب في تعليقه ذكره في كتاب الحجر قال الماوردي هما مأخوذان من القولين في انتقاض الوضوء بخارج من منفتح غير السبيلين: وقال المتولي إذا خرج المنى من ثقب في الذكر غير الإحليل أو من ثقب في الأنثيين أو الصلب فحيث نقضنا الوضوء بالخارج منه أوجبنا الغسل: وقطع البغوي بوجوب الغسل بخروجه من غير الذكر والصواب تفصيل المتولي قال أصحابنا وهذا الخلاف في المنى المستحكم فإن لم يستحكم لم يجب الغسل بلا خلاف ولو خرج المنى من قبلي الخنثى المشكل لزمه الغسل فان خرج من أحدهما ففيه طريقان حكاهما صاحب البيان وغيره: أحدهما يجب: والثاني على وجهين وسبق بيانه في باب ما ينقض الوضوء ولو خرج المنى من دبر رجل أو امرأة ففي وجوب الغسل وجهان أشار إليهما القاضي أبو الفتوح بناء على الخروج من غير المخرج والله أعلم * (فرع) في لغات المنى والودي والمذي وتحقيق صفاتها: أما المني فمشدد ويسمي منيا لأنه يمنى أي يصب وسميت مني لما يراق فيها من الدماء: ويقال أمنى ومنى بالتخفيف ومنى بالتشديد ثلاث لغات الأولى أفصح وبها جاء القرآن قال الله تعالى (أفرأيتم ما تمنون) وفى المذي ثلاث لغات المذي باسكان الذال وتخفيف الياء والمذي بكسر الذال وتشديد الياء وهاتان مشهورتان
(١٤٠)