فإن الخيار حكم شرعي لو أثر في دفع الغرر جاز بيع كل مجهول متزلزلا والعلم بالمبيع لا يرتفع بالتزام عدم الفسخ عند تبين المخالفة فإن الغرر هو الاقدام على شراء العين الغائبة على أي صفة كانت، ولو كان الالتزام المذكور مؤديا إلى الغرر لكان اشتراط البراءة من العيوب أيضا مؤديا إليه، لأنه بمنزلة بيع الشئ صحيحا أو معيبا بأي عيب كان، ولا شك أنه غرر وإنما جاز بيع الشئ غير مشروط بالصحة اعتمادا على أصالة الصحة لا من جهة عدم اشتراط ملاحظة الصحة والعيب في المبيع، لأن تخالف أفراد الصحيح والمعيب أفحش من تخالف أفراد الصحيح واقتصارهم في بيان الأوصاف المعتبرة في بيع العين الغائبة على ما عدا الصفات الراجعة إلى العيب إنما هو للاستغناء عن تلك الأوصاف بأصالة الصحة لا لجواز اهمالها عند البيع، فحينئذ فإذا شرط البراءة من العيوب، كان راجعا إلى عدم الاعتداد بوجود تلك الأوصاف وعدمها، فيلزم الغرر خصوصا على ما حكاه في الدروس عن ظاهر الشيخ وأتباعه من جواز اشتراط البراءة من العيوب فيما لا قيمة لمكسوره كالبيض والجوز الفاسدين، كذلك حيث إن مرجعه على ما ذكروه هنا في اشتراط سقوط خيار الرؤية إلى اشتراط، عدم الاعتداد بمالية المبيع ولذا اعترض عليهم الشهيد وأتباعه بفساد البيع مع هذا الشرط لكن مقتضى اعتراضهم فساد اشتراط البراءة من سائر العيوب ولو كان للمعيب قيمة لأن مرجعه إلى عدم الاعتداد بكون المبيع صحيحا ومعيبا بأي وصف كان، ثم إنه قد يثبت فساد هذا الشرط لا من جهة لزوم الغرر في البيع حتى يلزم فساد البيع ولو على القول بعدم استلزام فساد الشرط لفساد العقد بل من أنه اسقاط لما لم يتحقق بناءا على ما عرفت من أن الخيار إنما يتحقق بالرؤية، فلا يجوز إسقاطه قبلها فاشتراط الإسقاط لغو وفساده من هذه الجهة لا يؤثر في فساد العقد، فيتعين المصير إلى ثالث الأقوال المتقدمة، لكن الانصاف ضعف وجه هذا القول
(٦٣)