وقال في التذكرة توهم قوم أن الخلاف في البدئة بالتسليم خلاف في أن البائع هل له حق الحبس أم لا، إن قلنا بوجوب البدئة للبائع، فليس له حبس المبيع إلى استيفاء الثمن، وإلا فله ذلك، ونازع أكثر الشافعية فيه وقالوا هذا الخلاف مختص بما إذا كان نزاعهما في مجرد البدئة، وكان كل منهما يبذل ما عليه، ولا يخاف فوت ما عند صاحبه، فأما إذا لم يبذل البائع المبيع، وأراد حبسه خوفا من تعذر تحصيل الثمن، فله ذلك بلا خلاف، وكذا للمشتري حبس الثمن خوفا من تعذر تحصيل المبيع، انتهى.
وقد صرح بعض آخر أيضا بعدم الخلاف في جواز الحبس، لامتناع الآخر من التسليم، ولعل الوجه فيه إن عقد البيع مبني على التقابض، وكون المعاملة يدا بيد، فقد التزم كل منهما بتسليم العين مقارنا لتسليم صاحبه، والتزم على صاحبه أن لا يسلمه مع الامتناع، فقد ثبت باطلاق العقد، لكل منهما حق الامتناع مع امتناع صاحبه، فلا يرد أن وجوب التسليم على كل منهما ليس مشروطا بتحققه من الآخر، فلا يسقط التكليف بأداء مال الغير عن أحدهما بمعصية الآخر، وأن ظلم أحدهما لا يسوغ ظلم الآخر هذا كله مع عدم التأجيل في أحد العوضين،
____________________
وفيه: إن دليل الوجوب إن كان ما دل على وجوب رد المال إلى صاحبه فهو مطلق غير مشروط، وإن كان هو الشرط الضمني، وهو وإن كان مقيدا بتسليم الآخر على ما ستعرف إلا أنه ليس مقيدا بعدم امتناع الآخر مطلقا حتى فيما إذا كان امتناعه لأجل امتناع هذا عن التسليم،. فتدبر فإنه دقيق، فالأظهر هو القول الأول.
{1} ثانيها: إنه لو امتنع أحدهما عن التسليم مع تمكين الآخر من التسليم فإنه يجبر عليه، وهل يجب التسليم على صاحبه ما لم يجبر عليه كما عن المحقق الأردبيلي، أم يجوز له عدم التسليم كما عن المشهور؟ وجهان:
{1} ثانيها: إنه لو امتنع أحدهما عن التسليم مع تمكين الآخر من التسليم فإنه يجبر عليه، وهل يجب التسليم على صاحبه ما لم يجبر عليه كما عن المحقق الأردبيلي، أم يجوز له عدم التسليم كما عن المشهور؟ وجهان: