ولا يقبل عندنا كتاب قاض إلى قاض بغير خلاف بيننا وإجماعنا منعقد على ذلك، وما يرويه المخالف في ذلك فكله أخبار آحاد لا يلتفت إليها ولا يعرج عليها لأن العمل يجب أن يكون تابعا للعلم ولا علم في ذلك ولا دلالة عليه.
وإذا كتب الكتاب فأدرجه وختمه ثم استدعاهما فقال: هذا كتابي قد أشهدتكما على نفسي بما فيه، لم يصح ولا يصح هذا الحمل ولا العمل عليه، وكذلك إن قرأه عليهما عندنا لما قدمناه فهذا فرع يسقط عنا. وفي الوصايا فإنه لو أوصى بوصيته وأدرج الكتاب وأظهر للشهود مكان الشهادة وقال: قد أوصيت بما أردته في هذا الكتاب ولست أختار أن يقف أحد على حالي وتركتي قد أشهدتكما على بما فيه، لم يصح هذا الحمل بلا خلاف. الذي يقتضيه مذهبنا أن الإمام إذا مات ينعزل النائبون عنه إلا أن يقرهم الإمام القائم مقامه.
المشتري للعقار إذا أشهد على البائع بالبيع وطالبه بكتاب الأصل لم يجب عليه أن يعطيه إياه لأنه ملكه ولأنه حجته عند الدرك.
وإذا كان لجماعة على رجل حقوق من جنس واحد أو أجناس فوكلوا من ينوب عنهم في الخصومة فادعى الوكيل عليه الحقوق فإن اعترف فلا كلام وإن أنكر وكانت هناك بينة حكم عليه بها فإن لم يكن بينة فالقول قوله مع يمينه، فإن أراد كل واحد من الجماعة أن يستحلفه على الانفراد كان له لأن اليمين حق له فكان له أن ينفرد باستيفائه، وإن قالت الجماعة: قد رضينا منه بيمين واحدة عن الكل لكلنا، قال قوم: يستحلفه لأنه لما صح أن يثبت الحقوق عليه بالبينة الواحدة صح أن يسقط الدعوى باليمين الواحدة، وقال آخرون: لا يجوز أن يقتصر الحاكم منه على يمين واحدة، والأول هو الصحيح لأن اليمين حق لهم فإذا رضوا بيمين واحدة فينبغي أن يكتفى بها.
إذا استعدى رجل عند الحاكم على رجل فإن كان حاضرا أعدى عليه وإن كان غائبا أحضره سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم، وليس في ذلك ابتذال لأهل الصيانات والمروءات فإن عليا ع حضر مع يهودي عند شريح وحضر عمر مع أبي عند زيد بن ثابت ليحكم بينهما في داره، وحج أبو جعفر