المخالفين: لا يحكم بشهادتهما، وقال آخرون: يحكم، وهذا الذي يقتضيه مذهبنا لأن المعتبر في العدالة حين الأداء ولا يراعى ما قبل ذلك ولا ما بعده. فإن فسقا بعد الحكم وقبل الاستيفاء فإن كان حقا لآدمي فلا ينقض وأمضي وإن كان حقا لله فإنه لا يمضى لقوله ع: ادرءوا الحدود بالشبهات، وحدوث الفسق شبهة ويفارق المال لأن المال لا يسقط بالشبهة.
فأما إن قامت البينة بأنهما كانا فاسقين قبل الشهادة والإقامة لها والحكم بها، فإن قامت البينة عنده أنهما شربا الخمر أو قذفا حرا قبل الحكم بشهادتهما بيوم قال قوم:
ينقض الحكم، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
من ادعى مالا أو غيره ولا بينة له فتوجهت اليمين على المدعى عليه فنكل عنها فإنه لا يحكم عليه بالنكول بل يلزم اليمين المدعي فيحلف ويحكم له بما ادعاه، هذا هو مذهب أصحابنا، وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإذا نكل لزمه الحق، وأطلق ذلك ورجع في مسائل الخلاف والمبسوط إلى ما اخترناه، والمعنى فيما ذكره في نهايته من قوله: لزمه الحق، يعني أن بنكوله صارت اليمين على المدعي بعد أن كانت عليه، وكل من كانت عليه اليمين فهو أقوى جنبة من صاحبه والقول قوله مع يمينه لا أنه أراد بمجرد النكول يقضي الحاكم عليه بالحق من دون يمين خصمه.
فأما حقوق الله فعلى ضربين: حق لا يتعلق بالمال وحق يتعلق بالمال، فأما ما لا يتعلق بالمال كحد الزنى وشرب الخمر وغير ذلك فلا يسمع فيه الدعوى ولا يلزم الجواب ولا يستحلفه لأن ذلك مبني على الإسقاط.
إذا مات رجل وخلف طفلا وأوصى إلى رجل بالنظر في أمره فادعى الوصي دينا على رجل فأنكر فإن حلف سقطت الدعوى وإن لم يحلف فلا يمكن رد اليمين على الوصي لأنه لا يجوز أن يحلف عن غيره فيوقف إلى أن يبلغ الطفل ويحلف ويحكم له.
المستحب أن لا يكون الحاكم جبارا متكبرا عسوفا لأنه إذا عظمت هيبته لم يلحن ذو الحجة بحجته هيبة له، ولا يكون ضعيفا مهينا لأنه لا يهاب فربما خرق بمجلسه بالمشاتمة، ويكون فيه شدة من غير عنف ولين من غير ضعف فإن ذلك أولى بالمقصود.